“احفاد بلال” .. تهميش المهمش

يمن بوست/ تقارير 

بغضب وسخط شعبي كبير واجه اليمانيون الرافضين للتشظي وفرز المجتمع اليمني وفقا لمعايير ومرجعيات عرقية وسلالية وعنصرية مقيته، هذا ما بدى واضحا من خلال صفحاتهم على منصات التواصل الاجتماعية، بعد كلمة القاها قائد جماعة الحوثيين عبدالملك الحوثي بمناسبة الذكرى السنوية للصرخة الخمينية، والتي استفز الحوثي فيها بوصفه لليمانيون ذو البشرة السوداء بـ”أحفاد بلال”.

 

ولاقت هذه الصفة ردة فعل وانزعاج كبيرين لدى أصحاب البشرة السوداء، الذين اعتبروه بمثابة سلخ لما تبقى من هويتهم اليمنية التي لم يعودوا يملكون غيرها خصوصا بعد قطع رواتبهم التي تقوم بدفعها المنظمات الأممية وإجراء خصومات فيها إن تم صرفها.

 

حيث قال رئيس الاتحاد الوطني لتنمية الفئات الأشد فقراً نعمان الحذيفي في منشور على صفحته بالفيسبوك ردا على تصريح عبدالملك الحوثي ولا1ي عنونه بقوله: “نحن يمانيون أحرار وكفى”، فقال: “ليشهد العالم، نحن السود اليمنيون ليس لنا علاقة بما أطلقه علينا الحوثيون بأحفاد بلال الحبشي رضي الله عنه، ولا تربطنا به أي علاقة سوى اعترافنا به كصحابي من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم”.

 

وأضاف الحذيفي “لقد أراد الحوثي القول بأن من أسماهم بأحفاد بلال أي السود، يحظون بعهد حكم جماعته باهتمام وبفرص مواطنة متساوية؛ في وقت ترفض فيه جماعته الانصهار مع بقية فئات المجتمع اليمني!”

 

وأكد الحذيفي بأن دعوة الحوثي هي دعوة ظاهرها الخير وباطنها الويل، إذ أن زعيم الجماعة الحوثية يحاول بدعوته استقطاب السود للزج بهم في جحيم معركته السلالية ضد الشعب اليمني.

 

وختم تصريحه بأن تسميتهم بأحفاد بلال نسب لا يدعونه، ولكنهم يرفضونه جملةً وتجزئةً، لما لهذا النسب من تكريس لواقع المعضلة العنصرية باليمن، وبأنهم يمنيون إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولن تفرق بيننا الألوان ولا الأعراق ولا المذاهب ولا السلالة ولا الجغرافية ولا الدراهم ولا تآمر المتآمرين وبائعو الأوطان في أسواق الخساسة والنذالة والعمالة.

 

وقامت “إب أونلاين” برصد أهم ردود الأفعال تلك:

 

 

رفض الفرز القائم على العرق أو اللون:

 

قال البرفسور عبدالرحمن الشامي: “أحفاد بلال؛ معالجة خاطئة، أفسدت حيث أرادت الإصلاح .. هم ونحن وكلنا مواطنون يمنيون، لنا حقوق، وعلينا واجبات واحدة، في بلد ننشد فيه المواطنة المتساوية”.

 

من ناحيته عبر الأستاذ أحمد العشاري عن استياءه الشديد من هذه التسمية حيث قال: “صنعاء: صندوق تنمية المهارات يبحث إطلاق برنامج وطني لتأهيل احفاد بلال!!! هكذا ورد في الخبر الإعلامي !!! يعني استمراراً في النهج العنصري وإيغالا في الفصل والتمييز العنصري المقيت، هؤلاء يمنيون ذوي بشرة سوداء، والدين الإسلامي والدستور اليمني يعتبران المواطنين اليمنيين متساوين في الحقوق والواجبات دون تمييز على أساس العرق واللون واللغة والعقيدة والدين، كفوا عن هذا المنطق والتمييز العنصري يامعشر البيض”.

 

أما الإعلامي فيصل الشبيبي فقد كتب: “بعد (الولاية) و (الخُمُس) خرجوا لنا بموّال جديد، سمّوه (أحفاد بلال).. زمن العجائب!!.”

 

أما إبراهيم عبدالله الحضرمي فكتب: “أقسم أنها مأساة حقيقية، جميعنا تطرقنا لموضوع تسميته لهم أحفاد بلال عقب خطابه مباشرة، وأبدينا استيائنا، قلنا وكأنه لا طريق آخر لدى هذه الجماعة سوى العرق والعنصرية، حتى في موضوع المهمشين وهم يزعمون الأخذ بأيديهم ها هم يقوقعونهم في عرق جديد اسمه عرق بلال، وقريباً سيضاف إلى المجتمع العرق (البلالي)، ولم يخطر في أذهاننا حينها أنه يراهم فئة عددها كبير لم يستغلها بعد في محرقة حربه”.

أما نبيل الربيع فقال: “دعا الحوثي قبل أيام إلى دمج المهمشين وأطلق عليهم لقب أحفاد بلال ليس لينقلهم من عيشتهم الضنك وحياة العشش إلى حياة أفضل بل لينقلهم إلى المتارس ومنها إلى الآخرة، مشاريع موت”.

 

من جانبة قال مجيب الرحمن الوصابي: “(أحفاد بلال ) زعيم المتمردين الحوثة : جاء يكحلها عماها !! فأطلق هذا المسمى العنصري ليزيد الطين بله! تأصيلا لفكرة الطبقات والتفاضل”

 

وسخر الدكتور محمد الزيادي من تصريح الحوثي بقولة: ” بعد أن عرفنا وجود أحفاد بلال هل ستأتي الأيام باكتشاف جديد لأحفاد وحشي عبد بني أمية قاتل حمزة بن عبدالمطلب ومحاسبتهم على ذلك”.

 

أما عبدالرحمن الزراف فكان تعليقه هو الأظرف ومثل ضربة تحت الحزام بالنسبة لجماعة الحوثي الذين ردوا على منشورة بحملة بلاغات كادت تقفل صفحته إثرها، حيث قال: ذلحين كيف عندمج أحفاد بلال في المجتمع، واحنا لنا ألف سنة ما قدرناش ندمج أحفاد فاطمة يا سيدي وعيني؟”

 

 

العناية بأحفاد بلال:

 

كتب أحد القيادات الحوثية والذي يسمي نفسه بـ”أبو الحسنين المداني” في المجموعة الخاصة بنقابة عمال وموظفي وزارة الصحة العامة والسكان عن وصول رسالة شكوى من قبل د عبد الجليل الشهاري مضمونها على النحو التالي:
“حضرت طفلة في شهرها السابع وهي من (أحفاد بلال) طبقة فقيرة جداً تعاني من طرش متواصل ذهبت بها أمها إلى مستشفى الثورة فطلبوا منها سونار للبطن، ولكن الأم قالت إنه لا يوجد أخصائي لعمل السونار فحضرت إلى مستشفى سيبلاس لأن خالتها تعمل عندنا فعملت لها التلفزيون، وكان هناك انسداد في الأمعاء بسبب انغماد معوي وعملت لها تقرير مختوم وطلبت منها سرعة التوجه إلى مستشفى السبعين، ذهبت إلى مستشفى السبعين فقالوا أنه لا يوجد أسرة وحولوها إلى مستشفى الكويت، فقالوا لها في الكويت لا يوجد جراح أطفال، وأرجعوها إلى مستشفى السبعين مرة ثانية، ولكن الطفلة توفيت الساعة الثانية مساء وإبراءً للذمة أتقدم بهذه الشكوى لوزير الصحة لمحاسبة المتهاونيين في أرواح البشر وحسبنا الله ونعم الوكيل وأتمنى أن تصل شكوتي إلى وزير الصحة”.

 

من جانب آخر كتب مراد البنا: “الأمطار قبل يومين في محافظة إب سحبت منازل وخيام أحفاد بلال في سائلة جبلة ولم تتجاوب أي جهة مع ما حدث لهم هم بشر مثلنا لماذا تهمل هذه الشريحة؟، ولماذا لا تبحث السلطة المحلية بالتنسيق مع الأوقاف إيجاد مكان بديل بدلاً عن هذا الموقع الخطير؟ أتمنى التجاوب مع معاناتهم”

 

أما عمار حسن حسن فقام بإنزال مناشدة إنسانية لفاعلي الخير على صفحته في الفيسبوك لجمع التبرعات لإخراج جثة أحد أحفاد بلال المحجوزة في المستشفى، قال فيها: “مناشدة إنسانية إلى فاعلي الخير أحد أحفاد بلال توفي ومازالت جثته محجوزة لدى ثلاجة المستشفى الأردني اليمني منذ 5 أيام بسبب عدم استطاعة أهله دفع قيمة الفاتورة مبلغ وقدره (450) ألف ريال من يرغب بالتواصل مع ولد المتوفى مباشرة”.

 

 

وقود حرب الحوثي:

 

وبحسب مراقبين، فإن أخطر الأوامر التي وجهها عبدالملك الحوثي إلى قادة الجماعة هو اللجوء إلى استغلال فئة المهمشين، ممن تطلق عليهم جماعته اسم “أحفاد بلال”، في إشارة إلى الصحابي بلال بن رباح ذي البشرة السوداء، لتجنيدهم والدفع بهم للقتال لتعويض نزف مقاتلي الجماعة المستمر في مختلف الجبهات.

 

دعوة الحوثي لتجنيد فئة من يطلق عليهم محلياً “المهمشون” جاءت لتعزز ما سبق أن قامت به الجماعة خلال السنوات الماضية، من أعمال تجنيد في صفوفهم، غير أن هذه المرة جاءت الدعوة وفي طياتها توجيهات بإقامة معسكرات خاصة بهم لاحتوائهم تحت مزاعم “إعادة دمجهم في المجتمع”.

 

وأكدوا أن جماعة الحوثي قد قامت بتشكيل لجان حصر في مناطق تجمعات شريحة المهمشين بصنعاء ومناطق سيطرتها، لاستقطاب الشباب للقتال بصفوفهم وتشكيل كتائب منهم بدعوى دمجهم بالمجتمع في استغلال بشع وعنصري لهذه الشريحة من اليمنيين.

 

وأضافوا إلى أن الجماعة أقامت عدد من الدورات الطائفية لفئة المهمشين لحثهم على الانخراط في القتال إلى جانبهم في محارق الموت واستغلال حاجة هذه الفئة التي تعيش تحت خط الفقر واستقطاب شبابها لتجنيدهم وإلحاقهم بالجبهات.

 

وفي أول استجابة لأوامر زعيم الميليشيات، أفادت الوسائل الإعلامية التابعة للجماعة بأن وزارة الأشغال التابعة لسلطة صنعاء عقدت اجتماعاً لمناقشة تنفيذ ما يخصها من هذه التوجيهات، وفي مقدمة ذلك بناء معسكرات ومخيمات خاصة بالمهمشين، يتم تجميعهم فيها تمهيداً لعمليات الاستقطاب الفكري والتعبئة ذات المنحى الطائفي.

 

المصدر/ إب أونلاين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *