الحوثيون يفتحون طريق دمت – مريس لأهداف عسكرية واقتصادية بعد الحصار الإسرائيلي المشدد

سمحت مليشيا الحوثي الإرهابية، الخميس 29 مايو 2025، بإعادة فتح طريق دمت – مريس الرابط بين صنعاء وعدن، بعد إغلاق دام عشر سنوات، في تطور لافت يعكس حجم الضغوط التي تواجهها الذراع الإيرانية في اليمن.

وتأتي هذه الخطوة، التي رُوّج لها على أنها “إنسانية”، في وقت تعاني فيه المليشيا من حصار جوي وبري غير مسبوق فرضته إسرائيل، الأمر الذي أدى إلى خسائر اقتصادية فادحة، وانقطاع شبه تام للدعم العسكري واللوجستي من إيران وميليشيا حزب الله اللبناني.

الحصار الإسرائيلي شمل توجيه ضربات مباشرة إلى موانئ الحديدة، المنفذ البحري الوحيد للمليشيا على البحر الأحمر، ما تسبب في تعطيل شبه كلي لحركة السفن ونقل البضائع، وكذلك تدمير مطار صنعاء الدولي مرتين، كانت الأخيرة أكثر تدميرًا، حيث شُلت قدرته على العمل بشكل كامل، وتم تدمير آخر طائرة كانت تحت سيطرة المليشيا من أصل ثلاث طائرات كانت قد نهبتها من الخطوط الجوية اليمنية.

الحوثيون في مأزق خانق
أمام هذا الحصار الخانق، ونتيجة لفقدانهم خطوط الإمداد والدعم الفني واللوجستي من طهران وبيروت، وجدت المليشيا نفسها في عزلة لم تعهدها منذ بداية الحرب، فمع تعطيل المطارات والموانئ، لم يعد بإمكانها استقدام الخبراء العسكريين أو مهندسي تصنيع الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية، الذين كانت إيران ترسلهم عبر خطوط جوية أو بحرية خفية.

وفي ظل هذه العزلة، لم تجد المليشيا أمامها إلا خيار الانفتاح نحو المحافظات المحررة، ليس بدافع “الإنسانية” كما تزعم، بل تنفيذًا لخطة بديلة ذات طابع عسكري واقتصادي بحت، الهدف منها كسر الحصار المفروض، وتمكين عناصرها من الحركة والتجسس، وإعادة فتح قنوات التمويل الداخلي من خلال نقاط الجباية والضرائب على طرق الإمداد.

طريق دمت – مريس.. فتحة عسكرية مقنّعة
إعادة فتح طريق دمت – مريس، الذي يربط العاصمة المؤقتة عدن بالعاصمة المختطفة صنعاء، يُختصر المسافة بين المدينتين إلى نحو 360 كلم فقط، مقارنة بطرق بديلة تتجاوز 600 كلم.

ورغم أن العملية جاءت بوساطة محلية منسقة مع سلطات محافظة الضالع، إلا أن المستفيد الحقيقي منها هي مليشيا الحوثي، التي ظلت لعشر سنوات ترفض فتح هذا الطريق لأسباب أمنية تتعلق بخوفها من اختراقات عسكرية.

لكن اليوم، ومع تغير المعادلة، تعود المليشيا لتفتح الطريق، ليس حبًا في اليمنيين أو تسهيلاً لحياتهم، بل لأهداف استخباراتية خالصة، حيث تسعى لإرسال جواسيسها إلى المناطق المحررة، استعدادًا لعمليات عسكرية أو اختراقات أمنية مستقبلية.

وسبق للمليشيا أن استخدمت هذا الأسلوب في عدة جبهات، أبرزها جبهات شبوة ومأرب، حيث ثبت ضلوع عناصرها في زرع خلايا نائمة وتنفيذ عمليات إرهابية.

الابتزاز الاقتصادي.. سلاح الحوثي الجديد
الجانب الآخر من أهداف المليشيا يتمثل في استغلال هذا الطريق الحيوي لفرض جبايات جديدة على الوقود والمواد الغذائية القادمة من المناطق المحررة، فكما عُرف عن الحوثيين منذ بداية سيطرتهم على شمال اليمن، فإنهم يتخذون من المعابر والطرقات وسيلة لابتزاز التجار والمواطنين عبر فرض ضرائب غير قانونية تحت مسميات مختلفة، ما يزيد من معاناة اليمنيين الذين يعانون أصلاً من أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

وقد كشفت تقارير اقتصادية سابقة، عن أن المليشيا تجني مئات الملايين من الريالات يوميًا من الجبايات المفروضة على حركة النقل بين المحافظات، وهو ما يمثل مصدر دخل رئيسي لتمويل عملياتها الحربية، وتعزيز نفوذ قادتها المتورطين في الفساد.

تنسيق مع إيران وحزب الله رغم الحصار
وعلى الرغم من الحصار الإسرائيلي الخانق، لا تزال المليشيا تحاول الحفاظ على خطوط تواصلها مع الحرس الثوري الإيراني وحزب الله عبر وسائل بديلة، كاستخدام المناطق المحررة كـ”معابر وسيطة”، وتمرير الأفراد عبرها بطرق سرية.