العراق: الإيزيديون يقولون إن العالم نسي مأساتهم
- يولاند نيل
- بي بي سي – إربيل
عندما نزح عشرات الآلاف من الإيزيديين العراقيين من الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية مطلع هذا الشهر، علق الكثيرون منهم في منحدرات جبل سنجار. وأصبحوا محل اهتمام عالمي. لكنهم الآن يقولون إن المجتمع الدولي نسي مأساتهم.
ويعيش الإيزيديون الآن في الأراضي الكردية شمالي العراق، في مخيمات مؤقتة، أو مبان غير جاهزة، أو حتى تحت الكباري.
ولكن الخبراء يقولون إن حوالي 4,500 شخصا من الإيزيديين ما زالوا يعيشون في الأراضي التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية، بينهم حوالي ثلاثة آلاف من النساء والأطفال.
ويتعامل أفراد التنظيم مع النساء والفتيات الإيزيديات كسبايا حرب، ويتاجرون فيهن في المناطق الخاضعة لسيطرتهم. وتمكنت القليلات منهن من الهرب والافلات من قبضتهم.
واجتمعت (عدلة) أخيرا بزوجها في مخيم في مدينة زاخو، بعد احتجازها وأخريات لمدة 38 يوما بعد اختطافهن من قريتها.
وتروي عدلة قصة اختطافها وتقول “في البداية، أخذنا إلى بيت كبير في الموصل. كان مليئا بالنساء. وأغلقوا (المسلحون) كل النوافذ والأبواب وأحاطونا بالحرس”.
وتابعت “وكل يوم أو اثنين، يأتي الرجال ويرغموننا على خلع حجابنا ليختاروا من يريدون. وكن النساء يسحبن من شعورهن إلى خارج المنزل”.
ونقلت عدلة من مكان إلى آخر، وكانت ترى صديقاتها يضربن بوحشية ويغتصبن. وأجبرت إحداهن على المغادرة مع ابنها تحت تهديد السلاح.
وقالت إن المسلحين تركوها وحيدة لفترات طويلة لأنها كانت حامل، لكن قلقها على سلامتها كان في ازدياد.
وأضافت “أتى الكثير من الرجال في يوم لأخذ الفتيات. حينئذ، قررنا الهرب حتى لو أمسكونا وقتلونا، فقد أصبحنا نفضل الموت على البقاء”.
وجمع خبير الأقليات، خضر دوملي، معلومات عن مواقع احتجاز الإيزيديين في الأجزاء التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية في العراق، بعضهم في سجون وآخرون في قصر أو قاعات أفراح.
وتمكن دوملي من التحدث إلى العديد من النساء المحتجزات ممن لديهن هاتف جوال.
أهداف متغيرة
ويقول دوملي “الوضع لا يصدق، خاصة في الموصل وتلعفر. والمجتمع الدولي لا يحقق في الأمر، ولا يصدقون أن الدولة الإسلامية اختطفت هذا العدد من النساء”.
كما قال إن الدولة الإسلامية تستهدف الإيزيديين بشكل خاص لأنها تريد السيطرة على المواقع الاستراتيجية لأراضيهم. كذلك بسبب معتقداتهم القديمة التي يعتبرها المسلمون السنة المتشددون خرافات.
وأضاف “هم (الدولة الإسلامية) لا يرون أن الإيزيديين لهم دين أو حقوق، أو أن لهم مكان في الدولة الإسلامية. ويظنون أن بإمكانهم طرد الإيزيديين. وإن النساء اللواتي رفضن التحول إلى الإسلام، يتخذوهن سبايا”.
وفي ملجأ في إحدى المدارس، قابلت امرأة غير متزوجة في بداية العشرينيات، وروت لي قصصا مرعبة عن احتجازها وتعذيبها على يد مسلحي الدولة الإسلامية.
وقالت “كانوا يضربوننا بالأسلاك، ويجوعوننا، ويجبروننا على غسل وجوهنا بالوقود. وحاولوا أخذ إحدى صديقاتي، والتوى معصميها. وشنقت اثنتان أخريان نفسهيما في مراوح السقف”.
وهربت الفتاة أثناء إحدى الضربات الجوية الأمريكية لمواقع الدولة الإسلامية، وسارت على قدميها لمدة ثلاثة أيام حتى وجدت مكانا آمنا. والآن، هي قلقة بشأن مصير الأخريات.
وقالت “سيبيعون الفتيات لأي شخص يشتريهن، التي تبدأ أعمارهن من التاسعة فأكثر. وبعض الرجال اشترى اثنتين أو ثلاث أو حتى خمس في مرة واحدة. هذا عار”.
وعمة الفتاة لديها ابنتان مفقودتان. وعند الحديث عن الأمر، بدأت في لطم خديها والنحيب. وقالت “هي كارثة.. كارثة. أخذوا كل بناتنا، وهذا كل ما يهمنا. يجب أن يساعدنا العالم”.
دعوات للتدخل
وفي منزل البرلمانية الإيزيدية الوحيدة، فيان دخيل، في إربيل، يعيش أكثر من 30 لاجئا من أقاربها.
وتستخدم فيان عكازات للمشي بعد إصابتها الشديدة في حادث تحطم طائرة أثناء محاولتها توصيل مساعدات إلى جبل سنجار الشهر الماضي.
وترى دخيل أن التدخل العسكري الغربي لمواجهة الدولة الإسلامية قد يساعد على تحرير الأسرى الإيزيديين. وقالت “الدعاية ستساعد بنفس القدر الذي ساعد به تدخل ميشيل أوباما لإنقاذ فتيات المدرسة اللاتي احتجزهن مسلحو بوكو حرام في نيجيريا”.
وأضافت “نحن أقلية هنا، ولا توجد جماعة قوية لدعم قضيتنا. ونطلب دعم الحكومات التي تهتم بحقوق الإنسان والإنسانية”.
والوقت يمر بالنسبة لأسر النساء والفتيات المختفيات. وتخشى الأسر ألا ترى بناتها مجددا إن لم يعثروا عليهن في أقرب وقت.