قراءة في قرار 1325 مجلس الأمن عبر محطات ثلاث، وما بعد ؟؟؟

يمن بوست/ مقالات 

كتب/ أ. منى هيثم 

يوم نظروا للمرأة كعنصر مهم في الأمن والسلام كما هو وارد في مقدمة القرار 1325 الخاص بالمرأة والأمن والسلام وفي قرارات سابقة ضمن سياق اتفاقيات حماية حقوق الإنسان نظروا إليها بأنها العنصر الأضعف والأكثر ضررً من أثار النزاعات من بين فئات المجتمع، على هذه التراكيب اللغوية مضت مفاهيم القرارات المتعلقة بالنساء لدى مجلس الأمن الدولي سنين.

وبعد عشرون عاماً من صدور القرار 1325 تسأل النساء أنفسهن وجهة إصدار القرار: كيف لنا أن نخطوا بالذهن من اثأر تأرجح العبارات إلى فهم نظرة لغتها فصيحة نكون فيها على قدم المساواة مع الرجال في الضعف والقوة؟ لاسيما وان الحروب لا تنتقي جنس ضحاياها، هي شاملة تعم جميع الساكنين في مساحات النزاعات وتلحق بهم الخسائر المادية والمعنوية والنفسية.

المرأة لا تتوارى خلف الخوف من لهب الحرب حقيقة أكدتها تجارب جميع الدول التي عاشت فترات طويلة أو قصيرة من الحروب الأهلية.

المرأة تواجه ظروف تدفع بها إلى مواجهة مصير مجهول، وتخرج بشكل نازحة أو مسعفة أو راصدة وتصنع في مربعات النار أفعال السلام.

وللقرار 1325 مميزات عن سابق القرارات الخاصة بدعم وحماية وتمكين النساء جعلت من القرار أفضل الأدوات التي ركزت على رسالة غاية الأهمية نجدها في إلزامه الدول الاعتراف بقدرات النساء في منع نشوب النزاع وحث الدول على زيادة إشراك النساء في جميع مستويات صنع القرار، هذه العبارات الدالة في مضمون القرار تحتاج منا الى قراءه في القرار 1325 عبر ثلاثة محطات وما بعد.؟؟؟

المحطة الأولى: حقوق المرأة وقضايا الأمن والسلام.
إن تبني مجلس الأمن الدولي القرار 1325 هو بمثابة حد وخط فاصل بالنسبة لتطور حقوق المرأة وقضايا الأمن والسلام ويعتبر أول وثيقة قانونية ورسمية يطلب فيها أطراف النزاع احترام حقوق المرأة ودعم مشاركتها في مفاوضات السلام وفي إعادة البناء والأعمار التي تلي مرحلة النزاعات.

ولملامسة واقعية احترام وحماية حقوق المرأة من قبل إطراف النزاع نجد أن أكثر من يمارس العنف الجنسي على النساء هم أفراد أطراف النزاع المسلحة وبشكل مستمر منذ ما قبل صدور القرار 1325 وحتى العام العشرين من عمر القرار، ذلك يبين أن القرار يفتقد التعزيز بالعقوبات للدول والأطراف التي تمارس العنف الجنسي على النساء في ظل النزاعات دون انتظار انتهاء النزاعات لأن العنف الموجه ضد النساء مستمر ويتصاعد.

وفيما حث القرار الدول والأطراف دعم مشاركة النساء في مفاوضات السلام نجد أن في مفاوضات السلام التي أجرتها الإطراف اليمنية بدأً بمفاوضات جنيف حتى تفاهمات ستوكهولم واتفاق الرياض صورة تعكس هلامية هذا الحث من خلال نسبة مشاركة النساء ضمن الوفود الرسمية في مفاوضات السلام اليمنية التي لا تتقدم عن نسبة الواحد في المائة 1%. ففي المبادرة الخليجية التي حملت اتفاق سياسي بين الرئيس صالح وحلفاءه وزعماء المعارضة في إطار أحزاب اللقاء المشترك المقدمة من دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية في 23 نوفمبر 2001 لم تشارك آية امرأة في المفاوضات إعداد المبادرة وآليتها التنفيذية وأقتصر الأمر على حضور مراسم التوقيع من قبل امرأة واحدة هي د. امة الرزاق حمد عن حزب المؤتمر.

أما في مؤتمر الحوار الوطني الشامل 2013 فقد وصل عدد النساء 166 عضوة وعدد الرجال 396 عضواً لتشكل نسبة مشاركة النساء من العدد الإجمالي لقوام المؤتمر البالغ 565 هو 29% وهي نسبة تعكس تقدم مشاركة النساء في مؤتمر الحوار وتعاظم دورهن عبر مخرج “الكوتا النسائية” حصة النساء في مواقع صنع القرار والوظائف العامة بنسبة ليس أدنى من 30 %.

بينما في اتفاق السلم والشراكة الموقعة في 21 سبتمبر 2014 وهو اتفاق سياسي لتسوية الازمة بين السلطة والمكونات السياسية وبين أنصار الله الحوثيين برعاية الأمم المتحدة كانت مشاركة النساء فيها صفر وعدد الذكور الموقعين على الاتفاق 14 عضواً. وفي جولات المفاوضات بعد اندلاع الحرب، في مفاوضات جنيف1 يونيو 2015 لم تشارك النساء في وفد الحكومة الشرعية على طاولة المفاوضات من أصل عدد 7 من الذكور، أما وفد أنصار الله الحوثيين مع حليفه حزب المؤتمر فقد شاركت امرأة واحدة هي فايقة السيد بينما بلغ عدد الذكور ١٥ عضواً.

وفي مفاوضات بيل/ جنيف 2 في ديسمبر2015 ضم وفد كل جانب 18 مندوباً من ضمنهم سيدتان امرأة مثلت وفد الحكومة الشرعية وامرأة مثلت وفد أنصار الله الحوثيين. ومن مفاوضات بيل الى مفاوضات الكويت التي انعقدت في 21 ابريل 2016 فمع استمرار ضغط النساء ارتفعت مشاركة النساء في مفاوضات الكويت الى ثلاثة نساء، اثنتان هما ميرفت مجلي ود. نهال العولقي عن حكومة الشرعية وفائقة السيد عن وفد أنصار الله الحوثيين وحليفهم المؤتمر الشعبي العام. في جنيف 3 سبتمبر 2018 لم تنعقد المفاوضات بسبب تخلف وفد أنصار الله الحوثيين عن الحضور وفي جولة مفاوضات ستوكهولم في ديسمبر / 2018 شاركت في وفد الحكومة الشرعية رنا غانم من أصل 14 عضو، وغابت مشاركة النساء من وفد أنصار الله الحوثيين.

تم توقيع اتفاق الرياض في نوفمبر 2019 بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي برعاية السعودية لأنهاء الازمة بينهما التي تطورت الى صراع مسلح، وغابت النساء في وفدي المفاوضات لكلا الطرفين، وحضرت النساء كورود على الطاولة وعددهن 16 امرأة في مراسيم توقيع اتفاق الرياض بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي.

أما آخر المفاوضات حول ملف الأسرى والمعتقلين التي تمت في جنيف أكتوبر 2020، فلم تشارك أية امرأة فيها بينما مثل 3 أعضاء من الحكومة الشرعية و3 من أنصار الله الحوثيين.

ومن الاحصائيات اعلاه يتبين انه لا توجد إرادة سياسية من قبل جميع أطراف النزاع في اليمن بما فيها الأمم المتحدة لإشراك النساء في المفاوضات الرسمية وصنع القرار السياسي مما ينبأ عن عدم حصول النساء على استحقاقات اجندة النساء في الأمن والسلام اثناء وبعد النزاع بحسب القرار1325.

المحطة الثانية: النساء في عملية الحفاظ على السلام والأمن الدوليين.
هدف القرار إلى ربط تجربة النساء في النزاعات المسلحة بمسألة الحفاظ على السلام والأمن الدوليين، و من أجل تحقيق هذا الهدف حث الدول والأطراف إلى زيادة مشاركة النساء في جميع مستويات صنع القرار و تناول قضايا النوع الاجتماعي في أوقات السلام وتسريح الجيش وإعادة الإدماج واحترام حقوق اللاجئين/ات. لاشك أن من يقرأ المفردات الحثيثة من قبل مجلس الأمن يشعر بالتموج في تحديد الطرف المعني بها، هل قصد النساء اللاجئات وإذا لا يوجد حصر كما قد يفهم لنا، كيف نقرأ أن الدول تحترم دعم زيادة مشاركة المرأة في جميع مستويات صنع القرار بينما لا تشارك النساء في صياغة اتفاقيات السلام بين أطراف النزاع و بينما تتم كتابتها تحت إشراف الأمم المتحدة !؟

المحطة الثالثة: تنفيذ القرار 1325.
مند صدور القرار 1325 تم اتخاذ العديد من الخطوات لتنفيذه في أنحاء العالم عبر جهود تقوم بها الحكومات وغيرها فقد ساعد هذا القرار النساء من التغلب على الكثير من الصعاب التي كانت تعوق إشراكهن في قضايا السلام والأمن الإنساني.

تقدم النساء في دول النزاعات ومنها اليمن جهود جبارة في محاولة منهن اختراق جدار العزل الذي تفرضه عليهن جميع أطراف النزاع، وتبرز ادوار النساء عبر الشبكات النسوية الفاعلة في مجال بناء السلام وعبر جهود فردية من نساء نشاطات في مجال السلام والتوعية ببنود قرار 1325، لكننا مازلنا نعتبر الأمر متعثر لعدم وجود الإلية التنفيذية الرئيسية وترجمة بنود القرار على الواقع ، فالحضور لأصوات النساء في خطوات دور الوساطة الأممية بين أطراف النزاع اليمنية المتعددة مازال يسير بشكل خافت ولا يلبي الطموح بعد أن نالت أصواتهن في محافل السلام المحدودة احترام واعتراف المجتمع الدولي وبشهادة المبعوث الخاص في اليمن بواقعية القضايا التي تثيرها النساء من اجل السلام في اليمن، ومازال الاستحقاق متواضع ربما ناتج عن فجوة الوعي بالقرار بين أطراف النزاع وبين المجتمع كذلك والهفوات التي احتوتها اللغة الخجولة في بعض بنود القرار خاصة في فترات إشراك النساء مما جردها من الصرامة وأدخلتها في حالة من التموج.

أما بعد.. لا شيئ ممكن قوله سوى ان النساء اليوم في الذكرى العشرين للقرار 1325 المرأة في الأمن والسلام تحتاج لآلية ديناميكية للقرار تبحر بها وتتقدم عن حالة التموج لتجوب الموانئ تحمل معها من كل ميناء قصة تمكين ونجاح لدور النساء في منع النزاعات وحفظ السلام وفق أجندة النساء في السلام والأمن.

منى هيثم
رئيسة مؤسسة شركاء.
منسقة ملتقى نساء عدن،
عضوة شبكة أصوات السلام النسوية
(الورقة عرضت في الدورة التدريبية التي نظمتها شبكة أصوات السلام النسوية في 21 – 24 أكتوبر2020م بالشراكة مع مجموعة التسعة وهيئة الأمم المتحدة للمرأة بمناسبة مرور 20 عاما على صدور القرار 1325 حول المرأة والأمن والسلام).

#أصوات_السلام_النسوية
#هيئة_الأمم_المتحدة_للمرأة
#مجموعة_التسعة
#القرار1325
#WomenPeacePower
#UNWomen
#Wovoicesofpeace
#GroupofNine
#UNSCR1325

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *