يمن بوست/ متابعات
شكراً جزيلاً ، السيد الرئيس، لمنحي هذه الفرصة لإحاطة المجلس.
السيد الرئيس،
في وقت سابق من هذا العام، حذَّرت من أنَّ اليمن على، ما اسميته آنذاك، مفترق طرق حرج: وقلت آنذاك إنَّه إمّا أن تسكت البنادق وتُستأنف العملية السياسية وإمّا أن ينزلق اليمن ويخرج عن الطريق نحو السلام. وللأسف يبدو أنّ هذا ما يحدث الآن. فقد زادت وتيرة القتال وتزايدت الحاجات الإنسانية وما زالت جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) تضرب البلاد.
لا يعني هذا بتاتاً أنَّنا لا نستطيع العمل معاً على إعادة الأمور إلى نصابها والعودة إلى السعي لإيجاد حلّ لهذا النزاع، لكنَّ ذلك يتطلّب أن يحدّد الطرفان خياراتهما ويتخذا القرار. وجميعنا يعرف ما ينبغي فعله والخيارات التي يجب اتخاذها لانتشال اليمن من هذا النزاع.
في الأسبوع الماضي، أرسلت مسودّة متقدّمة للإعلان المشترك الذي، كما تعلمون السيد الرئيس نناقشه منذ 6 اشهر، ارسلتها إلى الطرفين وهذه المسودة تعكس الملاحظات التي أفرزتها الجولات السابقة لهذه المحادثات خلال تلك الأشهر، وتوازن بينها وتتضمّن وهذا أمر هام جداً، المداخلات التي قّدمها المجتمع المدني والمجموعات النسوية وغيرها من اصوات اليمن الداعية الي السلام.
لقد حان الوقت لكي يسارع الطرفان إلى اختتام المفاوضات والاتفاق على الصيغة النهائية للإعلان المشترك. وما أناشد الطرفين فعله بسيط للغاية: اختاروا السلام. أنهوا هذا النزاع. اعملوا معنا بشكل طارئ على الإعلان المشترك.
السيد الرئيس،
ما من مكان يعكس أهمية هذا الخيار أكثر من مأرب المحافظة التي تقع شرق صنعاء حيث يستمرّ الاقتتال العنيف لا بل يتصاعد على حدودها خاصة على حدودها مع محافظات الجوف وصنعاء والبيضاء.
والوضع في مأرب يدعو للقلق لأسباب عديدة. فالخسارة في الأرواح عالية جداً والخطر الحقيقي محدق بمئات الألوف من النّازحين والمحتاجين. لعبت مأرب في هذه الحرب دور الملاذ الآمن للنازحين من مناطق أخرى في اليمن الذي اتوا الى مأرب سعياً للأمان. وأي معركة هناك سوف تكون آثارها مأساوية وتجبر هؤلاء النازحين على النزوح مجددا عن ديارهم.
كما لا ينبغي التقليل من شأن الأهمية السياسية لمأرب، إذ سيكون لتحوّل المسار العسكري في مأرب آثار مضاعفة في ديناميات النزاع في اليمن. إن سقطت مأرب، سيقوِّض ذلك آمال إنجاز عملية سياسية شاملة للدخول في مرحلة انتقالية تقوم على الشراكة والتعددية.
السيد الرئيس،
في غضون ذلك، ما زالت التقارير تفيد باستمرار انتهاكات وقف إطلاق النَّار في الحُدَيدة، يومياً. وما زالت بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (اونمها) بقيادة الجنرال غوها، تواجه عوائق تمنعها من أداء العمليات المناطة بها. وتذكرون، السيد الرئيس، حادثة إطلاق النار المأساوية في آذار/مارس على ضابط ارتباط الحكومة اليمنية العقيد الصليحي الذي توفي لاحقاً متأثّراً بجروحه. وتعمل بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة مع الطرفين لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث وتمهيد الطريق أمام العودة الى تفعيل آلية مشتركة تراقبها لجنة تنسيق إعادة الانتشار التي انشأها الاتفاق. وينبغي لهذه الخطوات أن تعزّز تطبيق اتفاق الحديدة.
السيد الرئيس،
إنني قلق للغاية من التبعات الإنسانية الناجمة عن النقص في إمدادات الوقود في المناطق التي يسيطر عليها أنصار الله في شمال اليمن. وأودّ التشديد على أهمية ضمان حصول المدنيين بانتظام وبنحو موثوق على ما يكفيهم من إمدادات الوقود وغيره من السلع الأساسية. هذا مبدأ وانا متأكد أنّ مارك لوكوك سيقول، هذا مبدأ أساسي للحماية والإغاثة الانسانية وإنّ ضمان تدفق الواردات التجارية الأساسية بما فيها الغذاء والوقود والمستلزمات الطبية وتوزيعها في جميع أنحاء اليمن على السكان المدنيين هي بالطبع من اولى الاولويات .
كما انني قلق للغاية من إعلان أنصار الله مؤخراً إغلاق مطار صنعاء أمام الرحلات الإنسانية. وكما سيذكر مارك، يمكن أن يكون لذلك أثر خطير على عمليات الأمم المتحدة وعلى عمليات المنظمات الانسانية الأخرى في ذاك الجزء من اليمن، التي تقدّم المساعدات الأساسية والتي قد تمنع بذلك من الدخول إلى صنعاء.
السيد الرئيس،
نحن وهذا الجلس في حاجة الآن أيضاً إلى إبقاء التركيز على ضمان وصول بعثة الأمم المتحدة الفنية في أقرب وقت ممكن لإجراء تقييم لخزَّان صافر العائم في ميناء الحديدة والقيام بتصليحات أولية. وأعلم أنَّكم سوف تستمعون إلى مزيد من التفاصيل من مارك حول هذا الموضوع.
السيّد الرئيس،
أود ان ابلغكم انه ، إن سمحت الترتيبات اللوجستية، لأنها معقّدة دائماً في اليمن وازدادت تعقيداً مع الجائحة، ولكن ان سمحت الترتيبات نتوقّع أن يلتقي الطرفان هذا الأسبوع في سويسرا لمتابعة نقاشاتهما حول تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى برعاية مشتركة كما تعلمون من مكتبي واللجنة الدولية للصليب الأحمر الذين أودّ أن أحييهم على عملهم على هذا المشروع. لقد التزم الطرفان بإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين على خلفية النِّزاع في استكهولم في عام 2018 ، وأجريا مناقشات مستفيضة لتنفيذ ذلك الالتزام في عمَّان في وقت سابق من هذا العام. وآمل أن يؤدي هذا الاجتماع إلى إطلاق سراح الأسرى والتأكيد على تنفيذ الالتزامات خاصة في ظل خطر فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) في أماكن الاحتجاز.
السيد الرئيس، أودّ التأكيد على الدور الحيوي الذي يضطلع به المجتمع المدني اليمني في المطالبة بإنهاء النِّزاع، إنهم فعلاً أبطال السلام. فقد ناصر المجتمع المدني جهاراً تبني التدابير لإغاثة السكان بما فيها مؤخراً وبطريقة مميّزة إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين. وتتمثل أهمية الدور المركزي للمجتمع المدني كذلك في الحفاظ على الضغط الذي يحتاج اليه أي نزاع وكذلك اليمن من اجل الدعوة الى الحل السلمي، وقد قدَّم المجتمع المدني تحليلاً وأفكاراً وصياغات حول قضايا ذات أهمية لليمنيين من توفير الخدمات العامة والإصلاح الاقتصادي الى بناء السلام، ليس فقط الى مكتبي بل الى كل من يسعى الى تحسين الظروف والفرص المتاحة لليمن. وإنّنا نعمل عن كثب مع عدة مجموعات وسنستمر في ذلك، على مفاوضات الإعلان المشترك ونناقش بالتفاصيل الخططً لضمان الادماج الحقيقي للمجتمع المدني في العملية السياسية المستقبلية الذي نأمل الا تكون بعيدة.
وضمن هذه الجهود الرامية الى تعزيز الادماج، ننظّم ورشة عمل بناء القدرات مع المجموعة النسوية اليمنية الفنية الاستشارية، وأعتقد اننا ناقشنا دورها واهميتها في هذا المجلس من قبل، كما رفعنا مستوى التفاعل مع المنظمات النسوية ضمن مجموعة التسعة سعياً للحصول على مساهمتها في الإعلان المشترك. واود أن احيي سيدي الرئيس العلاقة الوثيقة التي تربطنا بهيئة الأمم المتحدة للمرأة والتي نحن ممتنون لها.
وأخيراً، السيد الرئيس، اختتم بالتأكيد بأنّ الوضع، الذي وصفته بطريقة قد تكون مملّة، صعب للغاية. يمكن ان يختار الأطراف إمّا الاستمرار بمسار تصعيد العنف وإمّا تقديم التنازلات الضرورية لإحياء العملية السياسية والسماح بحلّ سياسي، وهذه الخيارات واضحة وجليّة وهي بين أيدي الاطراف. وينبغي على الأمم المتحدة وأعضاء هذا المجلس، وأنا متأكد من أننا سنفعل، القيام بكل ما يمكن للدفع نحو تحقيق الخيار الأخير ودعمه.
دورنا هو دور دعم، لكنَّ النتيجة في نهاية المطاف هي في أيدي الأطراف ونحن هنا نترقّب مع الشعب اليمني لنرى أي خيار سيتخذ الأطراف وكيف يمكن تطبيقه بطريقة سريعة.
شكراً جزيلاً لكم، السيد الرئيس.
15 أيلول/سبتمبر 2020
المصدر/ مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لليمن