هل سينجح اتفاق السلام بين الخرطوم والمتمردين؟
يمن بوست/ وكالات
الخرطوم
أبرمت الحكومة السودانية اتفاقاً تاريخياً مع متمردي دارفور وكردفان لإنهاء نزاع أوقع عشرات الآلاف من القتلى.
وبعد التوقيع بالأحرف الأولى في 31 أغسطس (آب) الماضي، ينتظر أن يتم التوقيع النهائي على الاتفاق من قبل قادة حركات التمرد والحكومة الانتقالية التي تولت السلطة في السودان العام الماضي عقب إطاحة عمر البشير، في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
جبهة السودان الثورية هي تحالف يضم خمس مجموعات تمرد وأربع حركات سياسية من إقليم دارفور (غرب) حيث اندلع النزاع في عام 2003 ومن إقليمي جنوب كردفان والنيل الأزرق (جنوب).
واندلع التمرد في الإقليمين الأخيرين في عام 2011 بعد سنوات من توقف الحرب بين شمال وجنوب السودان التي استمرت من 1983 حتى 2005.
ويتناول الاتفاق السلام والعدالة والحقوق و«التوزيع العادل للسلطة والثروة».
ويتحدر المتمردون الذين حملوا السلاح من أقليات إثنية عانت من التهميش في عهد البشير. ويقضي الاتفاق بإنهاء التمييز من خلال إجراءات محددة من بينها جعل لغات الأقليات رسمية. كما يحمي الاتفاق الحرية الدينية.
سيتوقف القتال إذ اتفق الطرفان على وقف إطلاق نار دائم. وسيتم إدماج مقاتلي المجموعات المتمردة تدريجيا في قوات الأمن الحكومية. وتم وضع جدول زمني لتدريب ثم إدماج هؤلاء المقاتلين.
وسيحصل المتمردون على ثلاثة مقاعد في المجلس السيادي وهو السلطة السياسية الأعلى خلال المرحلة الانتقالية الحالية في السودان.
كما يحصلون على ربع مقاعد الحكومة، وربع مقاعد البرلمان الانتقالي الذي سيضم 300 عضو. وبموجب الاتفاق، يتعين أن تشكل المرأة 40 في المائة من الوظائف الحكومية على كل المستويات، وسيكون للمتمردين دور في حكومات الولايات.
وستشمل قيادات الحكومة السابقين وليس المتمردين.
فالاتفاق ينص على العفو عن قيادات مجموعات التمرد والحركات السياسية. ولكن المسؤولين في النظام السابق سيحاكمون بمن فيهم البشير.
ويحاكم البشير مع عدد من وزرائه السابقين لاستيلائهم على السلطة المنتخبة ديمقراطيا من خلال انقلاب في عام 1989. وسبق أن أدين الرئيس السابق بالفساد وحكم عليه بالسجن.
ويدعو الاتفاق إلى تشكيل محكمة خاصة للجرائم في دارفور، حيث أسفرت المعارك عن سقوط 300 ألف قتيل.
وتطالب المحكمة الجنائية الدولية كذلك بمثول البشير أمامها إذ اتهمته رسمياً منذ سنوات بارتكاب جريمة إبادة وجرائم ضد الإنسانية في دارفور.
ووافقت الحكومة في فبراير (شباط) على مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية ولكن قد يتم استجوابه في السودان أولا.
إذا استمر المتمردون في القتال، فقد ينهار الاتفاق.
وقد رفض جناح من حركة تحرير دارفور يقوده عبد الواحد نور الانضمام للاتفاق، إلا أن الرجل يقيم في باريس منذ سنوات وليس له وزن كبير على الأرض.
ولم توقع على الاتفاق حركة تمرد رئيسية أخرى يقودها عبد العزيز الحلو، ولكن الأخير وقع مطلع الشهر الجاري اتفاقا منفصلا مع الحكومة السودانية.
وتعتبر جبال النوبة في جنوب كردفان معقل الحلو وهي منطقة تعيش فيها طائفة مسيحية كبيرة.
وبموجب هذا الاتفاق المنفصل ستحتفظ قوات الحلو بسلاحها من أجل «الحماية الذاتية» إلى أن يتم تغيير الدستور السوداني لينص على الفصل بين الدين والدولة.
وأرغمت الحرب ملايين السودانيين على ترك ديارهم فأصبحوا لاجئين في الدول المجاورة أو يعيشون في مخيمات داخل السودان.
وينص الاتفاق على حق اللاجئين في العودة إلى السودان والتمتع بحقوق المواطنة كاملة والسماح لمنظمات الإغاثة بالوصول إلى المناطق التي سيعودون إليها.
المحللون يأملون في نجاح الاتفاق ولكن العديدين منهم عايشوا من قبل انهيار اتفاقيات مماثلة.
فضم متمردين إلى قوات نظامية ليس دائما بالأمر السهل. وبناء السلام والثقة بعد سنوات من الحرب سيأخذ وقتا.
ومع عودة الناس إلى بيوتهم بعد سنين طويلة بعيدا عنها يثير مخاوف من اندلاع نزاعات جديدة إذا رفض الشاغلون الحاليون لهذه المنازل مغادرتها.
ويظل الاتفاق «خطوة هائلة إلى الأمام»، وفق جوناس هورنر الخبير في مجموعة الأزمات الدولية.
«ولكنه ليس اتفاقا شاملا ويمثل خطوة أولى فقط نحو السلام»، بحسب هورنر الذي يعتقد أن هناك «عقبات كبيرة على طريق تنفيذه».