مأرب رهينة فشل “الشرعية”
-
باتت جماعة الحوثي تتمركز على بعد 100 كم من مدينة مأرب جنوباً وتحاصرها من أغلب الجهات
-
حققت جماعة الحوثي تقدمات ميدانية مكنتها من السيطرة النارية على مديرية الجوبة وقطع خطوط الإمداد والطرقات جنوبي مأرب
-
اختراقات كبيرة أحدثتها الجماعة داخل الكتلة القبلية الموالية لـ “الشرعية” ووجود انقسامات كبيرة في قبائل مراد لصالحها
-
مشاركة القبائل في القتال إلى جانب القوات الحكومية بات محصوراً بنزعة مناطقية، وكل قبيلة تقاتل في حدودها فقط ولا تتعداه
-
الضغط الحوثي يزداد أكثر في مختلف الجبهات خصوصا بعد خسارة الشرعية لسلسلة جبل هيلان كاملة
-
يسعى الحوثيون لإحداث اختراق في قبائل عبيدة وتحييد بعض الوجاهات لتعزيز قدرتهم على النفاذ إلى صافر عبر الطريق الصحراوي من اتجاه مديرية رغوان.
يمن بوست/ تقارير
مأرب
واصلت جماعة الحوثي زحفها نحو مدينة مأرب، وبات يفصلها عنها نحو 100كم، بعد أن باتت تتمركز، حتى مساء أمس الاثنين، في المنطقة الفاصلة بين مديريتي ماهلية والجوبة، جنوبي مدينة مأرب.
وقالت مصادر عسكرية مطلعة، إنّ جماعة الحوثي تمكنت، يوم أمس، بعد مواجهات ضارية مع القوات الحكومية والمسلحين من أبناء القبائل، من التقدم صوب مديرية الجوبة القريبة من مدينة مأرب، والواقعة إلى الجنوب منها.
وأوضحت المصادر، أن جماعة الحوثي تمركزت في منطقة الصدارة، أعلى نقيل المناقل، المؤدي إلى مركز مديرية الجوبة، والذي يتفرع منه الطريق الذي يربط مأرب بمحافظة البيضاء المجاورة.
وأفاد أحد المصادر، أن التقدم الذي حققته جماعة الحوثي، أمس، تم بعد الاتفاق بينها وبين القبائل في منطقة البوعشة، وبالتعاون من بعض وجهات قبائل مراد، أحد أهم وأكبر قبائل مأرب.
وأضاف، أن جماعة الحوثي في التقدم الذي حققته أمس، استكملت السيطرة على مديرية ماهلية، وقطعت خطوط الإمداد للقوات الحكومية التي كانت تغذي بها الجبهات المحادة لمحافظة البيضاء في العبدية، والعديد من مناطق حريب.
وذكر المصدر، أن القوات الحكومية عملت على قطع الطريق في منطقة نقيل المنقل، لإعاقة تقدم جماعة الحوثي إلى مديرية الجوبة، التي باتت تتمركز على مشارفها، كما تسببت المواجهات، أيضاً، في قطع الطريق الرابط بين مأرب والبيضاء وصنعاء، أمام حركة المسافرين.
بموازاة ذلك، شهدت جبهة صرواح، الواقعة إلى الغرب من مدينة مأرب، مواجهات مماثلة تركزت في محيط سلسلة جبال هيلان، والعديد من مناطق المخدرة.
وقال مصدر ميداني آخر، إن المواجهات نشبت بعد تنفيذ جماعة الحوثي هجمات عنيفة على مواقع القوات الحكومية؛ لكنها تصدت لها، ولم تتمكن الجماعة من تحقيق أي تقدم.
ووفقاً للمصدر، فإن مواجهات عنيفة شهدتها أيضاً الجبهات في مديريتي مدغل، ومجزر، شمال غربي مأرب، تزامنت مع غارات مكثفة شنتها مقاتلات الجو التابعة للتحالف العربي، على مواقع وتعزيزات جماعة الحوثي في العديد من مناطق المواجهات في المحافظة.
وفي الجبهات الشمالية والمتداخلة مع جبهات القتال في الجوف، تواصلت المواجهات العنيفة بين الجانبين في منطقة العلم، الممتدة عبر الصحراء حتى منطقة الرويك القريبة من حقول النفط في صافر، كما تتداخل مع مناطق تابعة مديرية خب الشعف، الواقعة إلى الشمال من محافظة الجوف.
وقالت مصادر ميدانية، إن القوات الحكومية واصلت التقدم في الجبهات الشمالية، واستعادت السيطرة، مسنودة بالمسلحين القبليين، على مناطق واسعة أبرزها سلاسل ومرتفعات في الصبايغ، قابلها تواصل للهجمات المكثفة على مواقع جماعة الحوثي شمالي جبهة النضود، شرقي مدينة الحزم، عاصمة الجوف.
وأوضحت المصادر، أن القوات الحكومية حققت، أيضاً، تقدمات كبيرة في مناطق قرن بن عجيل، وتبة الصليحي، والمحازيم، وصولاً إلى مشارف بئر المرازيق.
وكانت القوات الحكومية والقبائل، خلال تمشيط مواقع سيطرت عليها أمس الأول، فرضت حصاراً مطبقاً على مجاميع حوثية في أحد المواقع في الصبايغ، انتهى باستسلام جميع العناصر البالغ عددهم، وفق مصادر متطابقة، 27 حوثياً.
ومن خلال تتبع مسار المعارك في محافظة مأرب، والمناطق المتداخلة معها شرقي الجوف والممتدة عبر الصحراء إلى الرويك، يتكشف حجم الخطر الداهم الذي يحدق بمدينة مأرب، ويهدد بسقوطها في يد جماعة الحوثي.
وتضغط جماعة الحوثي على مأرب من أربعة محاور، من خلال هجمات مكثفة وعنيفة، رغم كلفتها البشرية الباهظة، إلا إنها تحقق تقدمات كبيرة خصوصاً في الجبهات الجنوبية والشمالية الغربية، بالمقابل حققت القوات الحكومية تقدمات كبيرة في الجبهات الشمالية المتداخلة مع الجوف، بعد أن دفعت بتعزيزات كبيرة من محوري عتق وبيحان، مطلع الأسبوع المنصرم، بعد أن كانت المليشيا تقترب من منطقة الرويك عبر الصحراء، وهو ما دفع القوات الحكومية لحسم الموقف هناك، وكبح تقدم جماعة الحوثي.
وعملت جماعة الحوثي بالتوازي مع معركتها الميدانية في مأرب، على إحداث الكثير من الاختراقات في الكتلة القبلية التي كانت موالية للحكومة الشرعية، واستطاعت سحب الكثير من الوجاهات والأفراد وتجييشهم في صفوفها، وكان ذلك نتاجاً لتراكم الكثير من الأخطاء الكبيرة والممارسات التي ارتكبتها قيادة الجيش والسلطة في مأرب.
وقال أحد المصادر العسكرية، إن جماعة الحوثي نجحت في اختراق الكتلة القبلية في مراد، وأظهرت الحرب، في الفترة الأخيرة، وكأنها حرب مراد على مراد، وكان كل الذين يقاتلون من أبناء مراد مع الشرعية كان بدافع الداعي القبلي، وهذا أحد أسباب فشل المواجهة مع جماعة الحوثي في المحور الجنوبي لمأرب.
وأضاف، أن الحوثي لعب على التناقضات الحزبية والقبلية، وخلق حالة من تنافس وجاهات، وعزز الثارات القديمة بين آل بحيبح والصلاحي، الأمر الذي خلق بيئة مواتية للاستقطاب استفاد منها، وحولها لصالح تحقيق تقدمه الميداني بدأ من القانية وحتى وصوله مشارف الجوبة.
وتابع: إنه بعد سقوط ماهلية ورحبة والمناطق الجبيلة الممتدة من المناقل إلى الصدارة، كل ذلك يمكن جماعة الحوثي من فرض سيطرة نارية على كامل مديرية الجوبة من الجبال والمرتفعات المطلة عليها، ولو كانت القوات الحكومية عززت الجبهات في قانية، وكانت حينها تتقدم صوب مناطق البيضاء، لكنا تفادينا هذا الموقف اليوم.
وأفاد المصدر، مشترطاً عدم ذكر اسمه، أن “مشاركة القبائل اليوم في مأرب القتال إلى
جانب القوات الحكومية بات محصوراً بنزعة مناطقية، أي أن كل قبيلة تقاتل في حدودها فقط ولا تتعداه، وهذا كان منذ أكثر من ثلاثة أشهر، حين وجهت قبائل مراد وعبيدة دعوات لأفرادها للقتال في إطار مناطقهم القبلية، والالتزام بالحدود القبلية، وعدم القتال خارج أرض القبيلة”.
وقال: “في السابق كانت قبائل مراد هي الوحيدة التي قاتل أبناؤها مع الجيش خارج مناطقهم القبلية، في صرواح ونهم والجوف، وغيرها من الجبهات، وذلك بحكم انتماء قيادات كبيرة منهم للجيش، وبحكم تعليمهم أيضاً”.
وحول ما حققته القوات الحكومية في شمال مأرب وشرق الجوف رأى المصدر، أن “الوضع لن يتغير عند هذا الحد خلال الفترة المقبلة، حيث تتداخل هناك حدود عبيدة مع الجدعان، متوقعاً سقوط مديريتي رغوان ومدغل، حيث لن تتقدم قبائل عبيدة خارج حدودها، سواء مع الجدعان باتجاه مدغل أو مع بني شداد باتجاه رغوان، حيث والطرفين ملتزمين بحدودهم القبلية ولم يتجاوزوها”.
وقال: إن “نجاح الحوثيين في تحييد قبائل مراد من القتال في بقية الجبهات عبر فتح جبهات في مختلف حدود قبائل مراد وإشغالهم بالدفاع عن مناطقهم والاستقطابات الكبيرة التي حدثت في الفترة الأخيرة؛ ساهم كثيراً في إضعاف رفد الجبهات بالمقاتلين.
وأشار إلى أن “الضغط الحوثي سيزداد أكثر خلال الفترة القادمة، من مختلف الجبهات المحيطة بها، خصوصاً بعد خسارة الشرعية لسلسلة جبل هيلان كاملة”.
واستطرد: “مؤخراً يسعى الحوثيون لإحداث اختراق في قبائل عبيدة، كما حصل مع قبائل مراد، وتحييد بعض الوجاهات عبر وساطات في أوساط القبائل التي تعادي حزب “الإصلاح” المتحكم بمقدرات المحافظة والسلطة والجيش، وهذا ما سوف يعزز من قدرة الحوثي على النفاذ إلى صافر دون دخول مدينة مأرب ربما، عبر جبهة العلم والمرور في الطريق الصحراوي من اتجاه مديرية رغوان”.
ويرى مراقبون، أن فشل “الشرعية” في تشكيل وبناء جيش وطني حقيقي خلال الخمس السنوات السابقة، وترك الوحدات التي تشكلت خصوصاً في مأرب، وهي الغالبية، عرضة للاختراقات الحوثية والفساد وإثراء القادة من خلالها، والاستحواذ على التعيينات العسكرية لصالح الموالين لنائب الرئيس علي محسن الأحمر، والمنتمين لحزب الإصلاح؛ هو ما ساهم أكثر في الخسائر التي حدثت بدءاً من نهم وحتى ما بعد مأرب.