كتائب “الزينبيات” جناح الحوثي الناعم للمهمات القذرة

  • ما يحدث في سجون الحوثي السرية في صنعاء

  • “الزينبيات” مدربات لتنفيذ الاقتحامات واعتقال الناشطات وفض المظاهرات، بالإضافة إلى التجسس والإيقاع بالخصوم

  • ناشطة حقوقية تفول، إن “الزينبيات” تكفلن بتعذيبها، وكن يتعاقبن على ضربها وصعقها بالكهرباء ورش أحماض على جروحها

  • معتقلة سابقة كان المشرف على سجنها يتحرش بها جنسياً ويهددها بالاغتصاب ونشر صور وفيديوهات ملفقة عنها

  • تقرير حقوقي أوضح أن نحو 4 آلاف عنصر من الزينبيات تلقين تدريبات قتالية في صنعاء، وبعضهن تم تدريبهن في لبنان وإيران

يمن بوست/ تقارير

“الشارع”- وفاء محمد:

 

فِي سابقة لم يعرف اليمن لها مثيلاً في تاريخه، تواصل جماعة الحوثي ارتكاب أبشع الجرائم والانتهاكات بحق نساء اليمن، في كافة المحافظات الخاضعة لسيطرتها، متعمدة امتهان كرامة المرأة اليمنية، والإمعان في إذلالها بشكل ينافي كل المبادئ والقيم والأعراف القبلية السائدة لدى كافة قبائل اليمن الأصيلة التي تجرم الاعتداء على النساء وتحميها وتصون كرامتها وتعتبر الاعتداء عليهن منقصة للرجولة والشرف.

وخلال العامين الأخيرين، ازدادت وتيرة الانتهاكات الحوثية بحق الناشطات الحقوقيات والإعلاميات، وممثلات المنظمات المدنية، وقيادات القطاع النسوي- العاصمة صنعاء، وتعددت أشكالها وتنوعت أساليبها بين الإخفاءات  القسرية، والاختطافات التعسفية، والاعتداءات الجنسية والتحرش، والضرب المبرح، والتهديد بالقتل، والفصل من الوظيفة العامة.

المعتقلة السابقة المفرج عنها مؤخراً من سجون جماعة الحوثي بصنعاء، عائشة محمد أحمد، هي أحدث ضحايا الإرهاب الحوثي الممنهج ضد حرائر اليمن، ولن تكون الأخيرة في ظل تمادي الجماعة واستمرارها في ارتكاب أبشع الجرائم ضد النساء، في كافة المناطق الخاضعة لسيطرتها عموماً، وفي العاصمة صنعاء بشكل خاص.

تجربة مريرة

في هذا التقرير تتحدث الناشطة عائشة عن تفاصيل قصتها المؤلمة وتجربتها القاسية التي عاشت فصولها المرعبة في سجن سري يقع في عمارة سكنية في شارع تعز، بالعاصمة صنعاء، خصصته الجماعة لإخفاء عشرات المختطفات، بعيداً عن رقابة المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام المحلية والدولية.

تتذكر عائشة بداية قصتها الأليمة في تاريخ 7 إبريل 2019، عندما داهمت عناصر نسوية مسلحة تابعة لجماعة الحوثي “كتيبة الزينبيات” لمقر عملها في منظمة حقوقية، في العاصمة صنعاء، واختطفتها منه، وأخفتها قسرياً في أحد سجونها السرية، دون أن يعلم أهلها عن مصيرها شيئاً، حتى أفرج عنها مؤخراً في 12 أغسطس الحالي.

تقول عائشة، إنها اقتيدت معصوبة العينين إلى سجن سري للجماعة في العاصمة صنعاء، تعرضت في هذا السجن لأبشع أشكال التعذيب الجسدي والإرهاب النفسي المتواصل والمستمر دون انقطاع، منذ اليوم الأول من اختطافها، حتى تم الإفراج عنها.

مبينة، في هذا السياق، أن العناصر الحوثية النسوية (الزينبيات) تكفلن بتعذيبها جسدياً، وكن يتعاقبن على ضربها بالهراوات والكابلات النحاسية، وصعقها بالكهرباء، ورشها بالمياه الباردة وبعض الأحماض في مناطق الجروح المنتشرة في أنحاء متفرقة من جسدها، في كل جلسة تعذيب، متسببة بآلام شديدة أفقدتها الوعي عدة مرات، ولا تزال تعاني من آثارها إلى اليوم.

في حين تكفل القيادي الحوثي المشرف على سجنها، بممارسة التعذيب النفسي ضدها في كل جلسة تحقيق معها، حيث كان يتحرش بها جنسياً تارة، ويهددها بالاغتصاب وتصوير ونشر صور وفيديوهات ملفقة عنها عبر الإنترنت، وتلفيق قضايا دعارة ضدها تارة أخرى، إذا لم ترضخ لطلبه وتعترف بالتهم الباطلة والملفقة ضدها.

تقول عائشة بأنها قاومت كل أساليب ووسائل التعذيب النفسي والجسدي التي مورست بحقها لإجبارها على الاعتراف بعدة اتهامات باطلة ملفقة ضدها، وظلت لأكثر من شهرين متواصلين ترفض كل تلك التهم الباطلة الموجهة ضدها، وخاصة التهم المتعلقة بالشرف.

لكنها لم تستطع الصمود أكثر أمام ما تعرضت له من إرهاب نفسي رهيب وتعذيب جسدي شديد، في كل جلسات التحقيق معها التي تستمر لساعات طويلة، ورضخت، في النهاية، لبعض مطالب المشرف على سجنها، ووافقت على الاعتراف ببعض التهم المتعلقة بالعمل لصالح دول العدوان، وقبلت تسجيل فيديو بتلك الاعترافات مقابل حصولها على العفو العام والإفراج عنها فوراً .

وتؤكد، أن القيادي الحوثي المشرف على سجنها لم يفِ بوعده لها بالإفراج عنها بعد تصوير فيديو الاعتراف الخاص بها، التي وافقت على مضض تصويره أملاً في الإفراج عنها، إلا أنها لم تحصل على حريتها إلا بعد مضي أكثر من عام وشهرين من تصوير الفيديو، نتيجة تدهور صحتها، وبعد ممارسة منظمة حقوقية محلية، وأخرى دولية، ضغوطات كبيرة على قيادات حوثية للإفراج عنها.

توضح الناشطة الحقوقية عائشة محمد، أن جماعة الحوثي لجأت مؤخراً لانتزاع اعترافات مكتوبة ومصورة من كافة الناشطات السياسيات والحقوقيات والإعلاميات المعتقلات لديها، لتبرير اعتقالهن، ومواجهة الضغوطات المحلية والدولية المستنكرة لجرائم الاختطافات والإخفاءات القسرية التي ترتكبها الجماعة ضد النساء في اليمن، والمطالبة بسرعة الإفراج عن كافة المعتقلات في سجونها.

اختطاف النساء

صحيفة “إندبندنت عربية” كشفت، في تقرير سابق لها، أن جماعة الحوثي جندت بالإكراه عشرات النساء اليمنيات في كافة مناطق سيطرتها، وأجبرتهن على حمل السلاح بالقوة، وأرسلت عدداً منهن إلى الجبهات بغرض الطبخ وإيصال الذخائر والمؤن لمقاتليهم.

وقالت الصحيفة، في تقريرها، إن جماعة الحوثي جنّدت بعض الفتيات للإيقاع بمسؤولين يمنيين في عدة بلدان، وتصويرهم في مشاهد مخلة، من أجل الضغط عليهم مستقبلاً وابتزازهم مالياً.. مبينة أن بعض المختطفات تعرضن للتشهير والتهديد بتلفيق تهم أخلاقية، وهناك مجموعة من الفتيات تعرضن للاغتصاب على أيدي مشرفين حوثيين طوال فترة احتجازهن في سجون الجماعة بالعاصمة صنعاء.

وأوضح التقرير، أن جماعة الحوثي تواجه كل من يطالب بالإفراج عن ابنته، بأنها متورطة بجرائم دعارة، من أجل الضغط على الأهالي، وإضعاف موقفهم، ودفعهم للتوقف عن المطالبة بابنتهم، وإخفاء الأمر عن أقاربهم، مع علم معظمهم بأن تلك الجرائم ملفقة، غير أن الحديث في الشرف حساس للغاية، وحتى إن كان مفبركاً وملفقاً.

مشيراً إلى أن الجماعة الحوثية تلجأ إلى تلفيق تهم تتعلق بالأعراض والشرف، ما يعرض المختطفات لتداعيات كارثية، حتى بعد الإفراج عنهن، حيث أٌقدمت أسرة إحدى المختطفات على قتلها بعد نصف ساعة من الإفراج عنها.

وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية، هي الأخرى، نشرت تحقيقاً سلط الضوء على جرائم وانتهاكات الحوثيين بحق نساء اليمن خلال الآونة الأخيرة.

وتضمن التحقيق شهادات عدد من المعتقلات في سجون الحوثيين، في العاصمة صنعاء، ممن تم الإفراج عنهن مؤخراً وتمكنّ من الفرار من مناطق سيطرتهم، شرحن كيف تعرضن للتعذيب الجسدي والنفسي، وغيرها من الممارسات المنافية للإنسانية في سجون الحوثيين.

وأكد التحقيق، وجود شبكة من منشآت الاحتجاز السرية التابعة للحوثيين، في العاصمة صنعاء، تقع في شارع تعز، وسط العاصمة، مشيراً إلى أن الحوثيين يحتجزون في تلك المنشآت السرية مئات النساء اليمنيات ممن اختطفوهن من منازلهن بسبب آرائهن ونشاطهن السياسي والإنساني.

كتائب الزينبيات.. النشأة والهدف

تشكلت كتائب الزينبيات الحوثية أواخر العام2017، عقب المواجهات التي شهدتها العاصمة صنعاء بين الحوثيين والرئيس السابق صالح، وما أعقبها من خروج مظاهرات نسوية قادتها ناشطات حقوقيات للمطالبة بالكثير من المطالب الأساسية والقضايا الحقوقية المتعلقة بحقوق الإنسان، أبرزها صرف رواتب الموظفين، ووقف حملات الاعتقالات التي طالت المئات من أنصار الرئيس السابق صالح، في العاصمة صنعاء وباقي المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

وهدف الحوثيون من وراء تشكيل تلك الكتائب النسوية المسلحة، إلى إيقاف المظاهرات والفعاليات الاحتجاجية النسوية التي خرجت ضدهم في العاصمة صنعاء، وأوكلت لها مهام تحجيم تلك المظاهرات، وقمع المشاركات فيها، واعتقال أبرز القيادات النسوية الفعالة فيها، وتحجيم فعاليات ما عرفت بـ “ثورة الجياع”، حيث كانت جامعة صنعاء شاهدة على مداهمة عناصر نسائية تستقل أطقماً عسكرية للجامعة، وقيامهن بالاعتداء على الطالبات بالعصي وأعقاب البنادق والصواعق الكهربائية.

ثم ما لبثت أن تحولت تلك الكتائب إلى عصا غليظة وقواد رخيص بيد جماعة الحوثي، تمكنت من خلالها من اصطياد الناشطات والطالبات، واستخدمتها لتنفيذ الانتهاكات والاختطافات، وعمليات الاعتقال التعسفي، والإخفاء والتعذيب في السجون وأماكن خاصة، إضافة إلى مشاركتهن في الاعتداءات الجنسية على المختطفات، خاصة من ناشطات حزب المؤتمر.

تؤكد كل المعتقلات المفرج عنهن من سجون  الحوثي في العاصمة صنعاء،

أن عناصر كتيبة الزينبيات الحوثية هن

المسؤولات عن كافة  الجرائم والانتهاكات التي طالت الناشطات السياسيات والإعلاميات والحقوقيات وقيادات القطاع النسوي المناهضات لجماعة الحوثي.

بالإضافة إلى نساء خصوم الجماعة من السياسيين والأكاديميين والقيادات العسكرية والأمنية والشخصيات الاجتماعية وشيوخ القبائل المتواجدين في مناطق خارج سيطرة الجماعة، بهدف الانتقام منهم وإذلالهم، من خلال اختطاف نسائهم وتلفيق تهم أخلاقية ضدهن، وإلحاق وصمة عار بهم.

وليس واضحاً كم عدد العناصر النسائية المنخرطة في كتائب الزينبيات الحوثية، غير أن تقريراً سابقاً لمنظمة سام للحقوق والحريات، أوضح أن نحو 4 آلاف عنصر من الزينبيات تلقين تدريبات قتالية في صنعاء، وبعضهن تم تدريبهن في لبنان وإيران، على يد خبراء من حزب الله والحرس الثوري الإيراني.

وذكر التقرير المعنون بـ “ماذا بقي لنا”: إن عناصر كتائب الزينبيات النسائية الحوثية مدربات بدرجة عالية لتنفيذ الاقتحامات، واعتقال الناشطات من النساء، وفض المظاهرات والوقفات الاحتجاجية، بالإضافة إلى مهام خاصة أخرى كالتجسس والإيقاع بالخصوم، ورصد الآراء، وملاحقة الناشطات في الجلسات الخاصة والأماكن العامة.

مشيرا إلى وجود تشكيلات نسائية حوثية أخرى تبلغ قرابة عشر فرق، تحمل مسميات مختلفة، کالهيئة النسائية، وكتائب الزهراء، وفرقة الوقائيات الاستخباراتية، تسند إليها مهام وأعمال أخرى متعلقة بالجانب الفكري للجماعة، كإلقاء محاضرات، وتنظيم ندوات في المناسبات الاجتماعية، والنشاط في وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لفكر الجماعة، ويرصدن ما ينشر من قبل خصومهن.

جهاز المهام القذرة

محققو وخبراء الأمم المتحدة التابعين للجنة العقوبات الأممية للتحقيق في الانتهاكات في اليمن، تحدثوا في أحدث تقاريرهم عن كتائب الزينبيات الحوثية ومهامها، وكشفوا بعضاً من جرائمها، خلال العامين الماضيين.

وعرّف الخبراء، خلال استعراضهم للتقرير أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي، أن كتائب الزينبيات الحوثية هي الجناح الناعم والمسلح لجماعة الحوثي المسلحة، الذي أصبح جهازاً استخباراتياً خاصاً بالمهمات القذرة للجماعة في كل مناطق سيطرتها.

مؤكدين أن تقريرهم قد وثّق عدة جرائم وانتهاكات جسيمة ارتكبتها عناصر كتائب الزينبيات الحوثية، تشمل الاعتقال والاحتجاز التعسفي للنساء، والنهب، والاعتداء الجنسي، والضرب والتعذيب، وتيسير الاغتصاب في مراكز الاحتجاز السرية.

حقائق وأرقام

تشير التقديرات الأولية إلى أن ما يتراوح بين 250 إلى 350 امرأة، محتجزات حالياً في السجون السرية ومراكز الاحتجاز التابعة لجماعة الحوثي ، في العاصمة صنعاء، وبعض المحافظات المجاورة، وفقاً لإفادة العديد من المنظمات الحقوقية.

فقد ذكرت المنظمة اليمنية لمكافحة الإتجار بالبشر، في تقرير سابق لها، أنها وحدها تلقت بلاغات باختفاء ما لا يقل عن 120 امرأة في أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء، وأوضحت أن أغلب المختفيات معتقلات في البحث الجنائي بصنعاء.

فيما أكدت رابطة أمهات المختطفين والمخفيين قسرياً، أنها رصدت خلال العامين الماضيين 144 حالة انتهاك واختطاف تعرضت لها النساء من قبل الجماعة في العاصمة صنعاء، وكافة المحافظات الخاضعة لسيطرتها.

بدوره، تحدث ائتلاف النساء من أجل السلام في اليمن، عن وجود ما يزيد عن 100 امرأة محتجزة في سجون الحوثي في محافظة ذمار، والتي تشكل نقطة عبور کبری من مناطق الشرعية إلى مناطق سيطرة جماعة الحوثي.

المصدر/ صحيفة الشارع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *