يمن بوست/ وكالات
-
من المتوقع أن تبلغ كلفة إعادة إعمار بيروت 15 مليار دولار في بلد مفلس تتجاوز خسائر نظامه المصرفي 100 مليار دولار
-
الرئيس عون: “المواد صر لها من 2013، وعم يقولوا خطرة، وأنا لست مسؤولاً ولا أعرف وين محطوطة هذه المواد، ولا أعرف درجة الخطورة”
-
إدارة المانيفست بالمرفأ أرسلت عدة طلبات كتابية إلى مديرية الجمارك حتى عام 2016 مطالبة قاضياً بإصدار الأمر بإعادة تصدير الكمية على الفور
بيروت- (رويترز):
تظهر وثائق، اطلعت عليها رويترز، أن مسؤولين أمنيين لبنانيين حذروا رئيس الوزراء ورئيس الدولة، الشهر الماضي، من أن وجود 2750 طناً من نترات الأمونيا في مخزن بمرفأ بيروت، يمثل خطراً أمنياً ربما يدمر العاصمة إذا انفجرت تلك المواد.
وأكدت مصادر أمنية ذلك أيضاً.
وبعد ما يزيد قليلاً على أسبوعين من التحذير وقع الانفجار الهائل، الذي محا معظم المرفأ وقطاعات من العاصمة اللبنانية، وأسفر عن مقتل 163 شخصاً، وإصابة ستة آلاف آخرين، ودمر حوالي ستة آلاف بناية.
وتضمن تقرير من المديرية العامة لأمن الدولة عن الأحداث التي أدت إلى الانفجار إشارة إلى رسالة أرسلت بالبريد الخاص إلى الرئيس ميشال عون، ورئيس الوزراء حسان دياب، في 20 يوليو تموز.
ورغم أن مضمون الرسالة لم يكن ضمن التقرير الذي اطلعت عليه رويترز، فقد قال مسؤول أمني كبير، إنها تلخص ما توصل إليه تحقيق قضائي بدأ في يناير كانون الثاني، وخلص إلى ضرورة تأمين المواد الكيماوية على الفور.
ولم يسبق نشر شيء عن تقرير أمن الدولة الذي أكد مخاطبة الرئيس ورئيس الوزراء.
وقال المسؤول الأمني لرويترز: “كان هناك خطر أن تستخدم هذه المواد في هجوم إرهابي إذا سُرقت”.
وفي إشارة إلى الرسالة الموجهة إلى رئيس الوزراء ورئيس الدولة من المديرية العامة لأمن الدولة والتي تشرف على أمن المرفأ، قال المسؤول: “في نهاية التحقيق النائب العام (التمييزي غسان) عويدات، أعد تقريراً نهائيا تم إرساله إلى السلطات”.
وقال المسؤول الذي شارك في صياغة الرسالة وطلب عدم نشر اسمه: “حذرتهم من أن هذا قد يدمر بيروت إذا انفجر”.
ولم تستطع رويترز التأكد من مصدر مستقل مما ذكره عن الرسالة.
ولم ترد رئاسة الجمهورية على طلبات للتعليق على الرسالة الصادرة بتاريخ 20 يوليو تموز.
وقال ممثل عن دياب الذي قدمت حكومته استقالتها، يوم الاثنين، إن رئيس الوزراء تسلم الرسالة في 20 يوليو تموز، وأُرسلت إلى مجلس الدفاع الأعلى لإبداء المشورة خلال 48 ساعة.
وأضاف: “مجلس الوزراء الحالي تلقى التقرير 14 يوماً قبل الانفجار، وتحرك بشأنه في غضون أيام. الإدارات السابقة كان أمامها أكثر من ست سنوات ولم تفعل شيئاً”.
“إجراء اللازم”
من المحتمل أن يثير الحديث عن هذه الرسالة انتقادات جديدة، ويغذي الغضب الشعبي من الانفجار، الذي اعتبر أحدث مثال على إهمال الحكومة وفسادها الذي دفع بلبنان إلى الانهيار الاقتصادي.
وفي الوقت الذي تصاعدت فيه الاحتجاجات على الانفجار في لبنان، يوم الاثنين، أعلن دياب استقالة حكومته، وإن كانت ستواصل أداء مهامها كحكومة تصريف أعمال لحين تشكيل حكومة جديدة.
ومن المتوقع أن تبلغ كلفة إعادة إعمار بيروت وحدها 15 مليار دولار، في بلد مفلس فعلياً تتجاوز خسائر نظامه المصرفي الإجمالية 100 مليار دولار.
وفي الأسبوع الماضي، أكد الرئيس عون أنه سبق إبلاغه عن المواد الكيماوية. وقال للصحفيين، إنه وجه الأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى، الذي يضم الأجهزة الأمنية والعسكرية في لبنان ويرأسه رئيس الدولة، بضرورة “إجراء اللازم”.
وقال الرئيس عون: “المواد صر لها من 2013، وعم يقولوا خطرة، وأنا لست مسؤولاً ولا أعرف وين محطوطة هذه المواد، ولا أعرف درجة الخطورة، وما إلي (ليس لدي) صلاحية أتعاطى مباشرة مع المرفأ. فيه تراتبية لازم تعرف واجباتها، وكلهم كانوا على اطلاع”.
ولا تزال أسئلة كثيرة بلا أجوبة حول سبب رسو السفينة بشحنة نترات الأمونيا في بيروت في أواخر 2013. والمحير أكثر من ذلك هو سبب السماح بتخزين كمية كبيرة من المادة الخطيرة في المرفأ كل هذا الوقت.
وجاءت الرسالة التي أرسلت إلى الرئيس ورئيس الوزراء في أعقاب سلسلة من المذكرات والرسائل التي بعث بها مسؤولو المرفأ والجمارك والأمن إلى المحاكم على مدار السنوات الست السابقة، وحثوا فيها مراراً القضاة على إصدار أمر بنقل نترات الأمونيا من مكانها القريب جداً من وسط المدينة.
وقال تقرير المديرية العامة لأمن الدولة، الذي اطلعت عليه رويترز، إنه تم تقديم العديد من الطلبات، وذلك دون ذكر عددها على وجه التحديد. وذكر أن إدارة المانيفست بالمرفأ أرسلت عدة طلبات كتابية إلى مديرية الجمارك حتى عام 2016، مطالبة قاضياً بإصدار الأمر بإعادة تصدير الكمية على الفور.
وقال تقرير الإدارة العامة لأمن الدولة: “لكن وحتى تاريخه، لم يصدر قرار بهذا الشأن. بعد مراجعة أحد المختصين في الكيمياء أكد أن هذه المواد وفي حال اشتعالها ستسبب انفجاراً ضخماً، وستكون نتائجه شبه مدمرة لمرفأ بيروت”.
مادة خطرة
بدأ الطريق المؤدي إلى مأساة الأسبوع الماضي قبل سبع سنوات، عندما رست السفينة روسوس، المستأجرة لحساب روسي وترفع علم مولدوفا، وتحمل شحنة من نترات الأمونيا، من جورجيا إلى موزامبيق، في مرفأ بيروت، لمحاولة نقل بضائع إضافية لتدبير رسوم المرور عبر قناة السويس، وفقاً لما قاله ربانها.
وأوضح تقرير أمن الدولة، إن سلطات المرفأ احتجزت السفينة روسوس في ديسمبر كانون الأول 2013، بالأمر القضائي 1031/2013، بسبب ديون عليها لحساب شركتين قدمتا طلباً للقضاء في بيروت لحجزها.
وفي مايو أيار 2014، اعتبرت السلطات السفينة غير صالحة للإبحار، وتم تفريغ شحنتها في أكتوبر تشرين الأول 2014، وتخزينها فيما عرف بالعنبر 12. وأظهر التقرير الأمني أن السفينة غرقت بالقرب من كاسر الأمواج بالمرفأ في 18 فبراير شباط 2018.
وتقول مولدوفا، إن شركة بريروود كورب، التي تتخذ من بنما مقراً لها، هي صاحبة السفينة. ولم يتسنَ الاتصال بشركة بريروود للتعليق.
وفي فبراير شباط 2015، عين قاضي الأمور المستعجلة نديم زوين خبيراً لتفقد الشحنة، وفقاً لما ورد في التقرير الأمني.
وقال التقرير، إن الخبير خلص إلى أن المواد المخزنة خطيرة، وطلب عبر سلطات المرفأ نقلها إلى الجيش. ولم تستطع رويترز التحقق على الفور من رواية الخبير.
وذكر التقرير أن قيادة الجيش اللبناني رفضت الطلب، وأوصت بنقل المواد الكيماوية أو بيعها إلى الشركة اللبنانية للمتفجرات، وهي شركة خاصة.
ولم يذكر التقرير سبب رفض الجيش قبول الشحنة. وقال مسؤول أمني لرويترز إن ذلك يرجع إلى عدم احتياج الجيش لها. وامتنع الجيش عن التعليق.
وقالت إدارة الشركة اللبنانية للمتفجرات لرويترز، إنها لم تكن مهتمة بشراء المواد المصادرة، وإن الشركة لديها إمداداتها الخاصة وتراخيص الاستيراد الحكومية الخاصة بها.
وتبين الطلبات التي اطلعت عليها رويترز، أن مسؤولي الجمارك والأمن استمروا بعد ذلك في مراسلة القضاة كل ستة أشهر تقريباً لطلب نقل المواد الكيماوية.
وامتنع القضاة ومسؤولو الجمارك عن التعقيب عندما اتصلت بهم رويترز.
وتم احتجاز عدد من مسؤولي الجمارك والمرفأ في إطار التحقيق في الانفجار.