الحجرية.. معركة الإخوان المقدسة ضد القوى المدنية والجيش الوطني
يمن بوست/ تقارير
يرى حزب الإصلاح أن معركته في الحجرية والهادفة لاجتياحها والسيطرة على اللواء 35 مدرع والاستحواذ عليه والقضاء على وطنيته ليصبح تابعاً للحزب كبقية ألوية محور تعز التي تتلقى التوجيهات من المقر، يدرك الإصلاح أن معركته هذه ليست معركة عسكرية فحسب -وإن كانت كذلك- وإنما تمتد إلى أبعد من ذلك لتكون معركة فكرية بالدرجة الأولى.
فالإصلاح يرى أنه باستهداف مناطق الحجرية فهو يستهدف معقل القوى المدنية ليس في تعز فقط، وإنما في اليمن ككل، ويرى أنه بذلك يحصن القوى الدينية من أن يتم ابادتها فكريا في معركة الوعي من قبل القوى المدنية التي يطلق قادة الإخوان عليها بهدف تشويهها القوى العلمانية وأحيانا حين لا يتحرج هؤلاء القادة من اظهار تطرفهم ”القوى الملحدة والكافرة”.
وإضافة إلى ذلك فهي معركة للقضاء على نواة الجيش الوطني، وعلى اللواء الوحيد المدافع عن الشرف العسكري، والمتمسك بوطنيته، لأن حزب الإصلاح يدرك أن الجندي الوطني يمثل تهديدا لمشروع أخونة الجيش، فما بالكم بلواء عسكري كامل لا يزال يحترم المعايير العسكرية والانضباط العسكري ويمارسه سلوكا وفعلا، ليبقى اللواء 35 مدرع -والذي أسسه خالد الذكر الشهيد القائد عدنان الحمادي- هو آخر قلعة من قلاع الجيش الوطني في اليمن.
تمثل مناطق الحجرية معقل المدنية في اليمن حيث اشتهرت هذه المناطق بحب التعليم والعمل، فبالإضافة إلى كونها معقل التعليم الأول في الجزيرة العربية، فقد كانت أيضا المنطقة الولَّادة للسياسيين والقادة الوطنيين والاقتصاديين والمثقفين والعمال وأصحاب المهن، وكانت بذلك بيئة حاضنة لفكرة المدنية بمختلف المراحل، وهذا ما جعلها محصنة ضد محاولات اجتياحها من قبل الجماعات الدينية وجماعات الإسلام السياسي وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين.
ولذا فعلى الرغم من المحاولات الحثيثة لاختراق حزب الإصلاح فكريا لمناطق الحجرية إلا انه ظل عاجزا عن تحقيق اي اختراق حقيقي، باستثناء التواجد الطفيف في بعض المناطق، ولذا يكفي أن نعرف مثلا أن الإصلاح في اخر انتخابات برلمانية لم يحصد دائرة انتخابية واحدة في كل دوائر الحجرية، التي تقاسمتها أحزاب المؤتمر الشعبي العام والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري والحزب الاشتراكي اليمني.
ولعل حرص حزب الإصلاح المستمر لاختراق مناطق الحجرية والانتشار فيها يأتي نتيجة ايمانه بحجم التأثير السياسي والوطني لهذه المنطقة وابنائها، خاصة مع الموقع السياسي والجغرافي الذي تمتاز به كحلقة وصل بين الشمال والجنوب، حيث اشتهر أبناء الحجرية بأنهم صنعوا بنضالاتهم أحداث اليمن الحديث شمالا وجنوبا على حد سواء.
وحين عجز حزب الإصلاح عن اختراق قلعة المدنية في اليمن فكريا، لجأ إلى سلاح القوة اعتقادا منه أنه سيكون سلاحا ناجعا لإخضاع الحجرية وأبنائها لفكر الجماعة الديني، ووهم أحقيتها الإلهية بالسيطرة والحكم، لكن حزب الإصلاح وجد أن الحجرية محصنة بنواة الجيش الوطني اللواء 35 مدرع، والذي ظل عصيا عن سيطرة أي قوى عليه وتسخيره لخدمتها، وظل محافظا على وطنيته، وصائنا لشرفه العسكري من التلوث.
مبكرا جعل حزب الإصلاح هدف السيطرة على اللواء 35 مدرع والاستحواذ عليه والتخلص من قائده العميد ركن عدنان الحمادي ضمن أولوية أهدافه، لأنه بذلك يضمن سيطرته الكاملة على ألوية محور تعز، كما أنه من خلال السيطرة على اللواء يكون قد سيطر على مسرح عملياته المتمثل بمناطق الحجرية، بما تمثله من موقع استراتيجي هام سيمكن الإصلاح في حال السيطرة عليها فتح جبهة جديدة مع عدن والمحافظات الجنوبية في أي حرب قادمة ضد الجنوب، بالإضافة لتهديد مناطق الساحل الغربي والتي تسيطر عليها القوات المشتركة المناوئة لقوات حزب الإصلاح.
وقد قام حزب الإصلاح بتشكيل قوات مسلحة وبدعم وتمويل من دولة قطر وبتسهيلات من قيادة محور تعز تحت اسم “الحشد الشعبي” وبقوام أكثر من 5000 فرد، حيث تم تجنيدهم في معسكرات خاصة في الأصابح والمسراخ ويفرس، ليتم بعد ذلك تشكيل قوات جديدة تحت اسم ”لواء حمد”، حيث تلقت قوات الإصلاح تدريبات عسكرية وأمنية ودورات فكرية تعتمد على محاضرات القيادات الجهادية التكفيرية في التنظيم الدولي لجماعة الإخوان وعلى رأسها سيد قطب.
وتتمثل مهمة هذه القوات المسلحة باجتياح مناطق الحجرية والاستحواذ على اللواء 35 مدرع، وعلى الرغم من محاولاتها المتكررة لتحقيق هذا الهدف إلا أنها عجزت عن تحقيقه، وهو ما جعل العميد ركن عدنان الحمادي يحذر من أن المشروع القطري يعبث في تعز، ليقوم حزب الإصلاح باتخاذ قرار تصفية الحمادي تمهيدا لتصفية مشروعه في بناء الجيش الوطني، حيث تم تصفية القائد عدنان الحمادي بعملية اغتيال جبانة في الثاني من ديسمبر من العام الماضي.
استمرت محاولات قوات حزب الإصلاح الهادفة لاجتياح الحجرية والسيطرة عليها والاستحواذ على اللواء 35 مدرع، وبإشراف وتوجيه من علي محسن الأحمر وبدعم من قيادة محور تعز وبتمويل من دولة قطر، غير أن كل تلك المحاولات باءت بالفشل نتيجة الوعي الجمعي لأبناء الحجرية الذين أفشلوا كل محاولات الإخوان لاختراق مناطقهم والسيطرة عليها، مؤكدين أن الحجرية ستظل معقل المدنية في اليمن، وأن اللواء 35 مدرع سيظل لواءً وطنياً عصياً على الخضوع لرغبات جماعات أو أفراد.