تعددت الحميات والوفيات تزداد في أبين

يمن بوست/ تقارير

بعد معاناة شديدة دامت لـ6 أيام، مع أعراض وباء كورونا (كوفيد 19)، توفي الدكتور حسين عبدالقادر الجفري، أخصائي الأطفال الوحيد بمحافظة أبين (جنوب اليمن)، بعد نقله ووضعه في وحدة العناية المركزة في المحجر الصحي بمدينة زنجبار عاصمة المحافظة، حسب ما أكده مروان الشاطري، ابن أخت الدكتور حسين، في حديثه لـ” المشاهد” مضيفاً: “في الساعة الرابعة فجراً نقلنا خالي إلى المحجر الصحي، بعد نصيحة من عدد من زملائه الأطباء، وهناك طلبت منا الدكتورة المناوبة ضرورة إسعافه بالأوكسجين الاصطناعي، كون المريض يعاني من انخفاض شديد في الأوكسجين وصل إلى 50%.
“والمؤلم بعد نقل خالي إلى غرفة العناية، حيث جهاز الأوكسجين الاصطناعي، تفاجأنا أن الطبيب المناوب غير موجود بالمحجر، وبعدها سارعنا بالاتصال بعدد من الأطباء من زملاء خالي، الذين لبى بعضهم النداء. ولكن قضاء الله كان أسرع، ففور وصولهم عند بوابة المحجر، كان خالي قد فارق الحياة”.
وتنتشر في محافظة أبين حالات الإصابة بأمراض الحميات الوبائية، مما نتج عنه تصاعد أعداد الوفيات، حيث سجل قسم الطوارئ في مستشفى الرازي حتى الخميس الماضي، 8 حالات وفاة لأشخاص مصابين بالحميات.

أعداد الوفيات تتفاقم

وحصد كورونا 55 شخصاً من الكوادر الطبية والإدارية في المرافق الصحية، وأئمة مساجد، وشخصيات اجتماعية وقبلية، خلال الأسبوعين الماضيين، بحسب إحصائية أولية مسجلة لدى قسم الطوارئ بهيئة مستشفى الرازي العام.
ويقول الدكتور حسين عبدالباري السقاف، أخصائي مختبرات بمستشفى الرازي لـ” المشاهد” ، إن حالات الوفيات كثيرة ومتزايدة يومياً، وما تم تسجيله فقط هي الحالات التي وصلت إلى مشفاه بعد تفاقم الأعراض فيها، مما يمنع أية استجابة سريعة للعلاج، ويؤدي إلى وفاة المريض.

حصد كورونا 55 شخصاً من الكوادر الطبية والإدارية في المرافق الصحية، وأئمة مساجد، وشخصيات اجتماعية وقبلية، خلال الأسبوعين الماضيين، بحسب إحصائية أولية مسجلة لدى قسم الطوارئ بهيئة مستشفى الرازي العام في محافظة أبين .

ويضيف السقاف أن الحالات التي توفيت في المنازل كثيرة جداً، وذلك لغياب فرق الاستجابة السريعة، والغياب الكلي لفرق الترصد الميداني والإلكتروني المدرب من قبل منظمة الصحة العالمية.
ويقول الدكتور جمال أمذيب، مدير مكتب الصحة بمحافظة أبين لـ” المشاهد” ، إن الوضع الصحي بالمحافظة كارثي، ويتطلب تضافر كل الجهود في القطاعين العام والخاص. محذراً من عدم استشعار المواطنين بهذه الكارثة، واستمرارهم بالتجمع والتنقل بلا وعي، وداعياً الجميع لضرورة التباعد وعدم التجمع.
ويأتي هذا التحذير بعد اكتشاف 9 حالات جديدة في أبين وحدها، حيث قال الدكتور أمذيب لـ”المشاهد“: “تم التأكد من إصابة 9 حالات بفيروس كورونا، بعد أخذ عينات وإرسالها إلى المختبر العام بمستشفى الأمل في عدن، وجاءت النتائج إيجابية، بينما أخذ فريق المسح والترصد مسحات من عدد من المرضى المشتبهين والمخالطين، ولازلنا بانتظار النتائج”.

تشابهت الأعراض وتعددت الحميات

وإلى جانب جائحة كورونا التي بدأت في التفشي باليمن في الـ10 من أبريل الماضي، بظهور أول حالة إصابة في حضرموت، تنتشر حميات عدة في محافظة أبين، ومحافظتي عدن ولحج المتاخمتين لها، كمرض المكرفس والملاريا وحمى الضنك وكورونا، وفق ما يقول عمرو محمد حزام، شقيق عبدالله الذي كان يعمل ممرضاً في قسم الطوارئ بمستشفى الرازي العام بأبين، قبل أن يتوفى بحمى غير معروفة.
عبدالله ظل يناوب بصورة يومية في قسم الطوارئ خلال الأشهر الثلاثة الماضية، بما فيها شهر رمضان الماضي، الذي شهد في أيامه الأخيرة انتشاراً سريعاً لمرض المكرفس وحميات أخرى، بحسب شقيقه عمرو.
ويضيف عمرو: “ليلة الـ21 من رمضان، ظهرت على عبدالله أعراض الحمى والتهاب الحلق وآلام شديدة بالمفاصل، ما استدعى نقله إلى المستشفى، وأعطونا له مغذيات وحقناً حينها. لكن خلال 3 أيام من تناول العلاجات، ساءت حالته الصحية وأصابه الاختناق، فتم نقله مجدداً إلى مستشفى الرازي، وخلال 5 ساعات انتظاراً بالطوارئ تم التواصل مع مسؤول الترصد الوبائي المشرف على الحجر الصحي، الذي طلب منا نقله إلى المحجر. لكن أخي توفي بعد إصابته بالاختناق وإصابته بنوبة سعال حادة كان يسقط من شدته على الأرض. توفي أخي
ونحن نبحث عن سيارة تنقلنا إلى زنجبار، حيث المحجر الصحي”.
والمحزن، كما يقول عمرو، أن مستشفى الرازي تحول إلى بؤرة لانتشار المرض.
الدكتور محمد الشرفي، مدير هيئة مستشفى الرازي العام، في حديثه لـ” المشاهد” فسر أسباب تردي الخدمة في المستشفى بالقول: “لدينا الكثير من الإشكاليات التي تعترض عمليات الإصلاح التي نقوم بها”، مضيفاً: “الكثير من كوادرنا الطبية غير موجودين، فمنهم من يعمل خارج المحافظة أو مسافرون، وكذلك نحن نعمل الآن بكوادر غير متخصصة أو مدربة بالأمراض الوبائية”.

قيادات في السلطة المحلية تزور مستشفي الرازي

وتابع: “نأمل أمام هذه الجائحة بتوفير جهاز إيكو ومستلزمات الوقاية للأطباء والممرضين وللفرق الطبية والصحية التي ستواجه المرضى”.
ويُعدُّ مستشفى الرازي هو المستشفى الوحيد المؤهل، حيث يستقبل جميع المرضى المحولين من المستشفيات والوحدات الصحية المنتشرة بمديريات أبين.

استنجاد بالمنظمات

وأمام تفشي هذا الوباء الفيروسي، خيم الخوف على أبناء محافظة أبين، مما استدعى طلب النجدة من المنظمات الصحية المحلية والدولية والقطاع الخاص ومن تجار المحافظة.
وتفاعل مع دعوات الاستغاثة عدد من تجار المحافظة، إذ أعلنت أفران عدن ومعها مالك مصنع إسمنت الوحدة الواقع في باتيس شمال محافظة أبين، عن تكفلهما بدعم مستشفى الرازي بأجهزة وأدوات ومستلزمات طبية وصحية خاصة بأمراض الحميات، ودعم مالي للعاملين بالقسم الخاص لاستقبال المرضى المصابين من سكان المحافظة.
هذه الخطوة بثت الأمل في نفوس سكان محافظة أبين، الذين يتمنون محاصرة هذا الوباء الذي تحولت معه أفراح العيد إلى أحزان يومية.

تجهيزات الطوارئ في مستشفي الرازي

وقال أحمد سيود، أحد سكان أبين: “ما نرجوه من مكتب الصحة والفريق المتخصص الموظف مع منظمة الصحة العالمية، هو سرعة الكشف عن هوية هذا المرض، هل فعلاً هو مكرفس، كما يقول معظم أهالي المرضى الذين أصابتهم نفس الأعراض، أم حميات أخرى”.
ويتمنى عدد منهم سرعة التعاقد مع متخصصين لوقف مسلسل الموت وصرف العلاج الصحيح بعد تشخيص دقيق وصحيح للمريض.
ويقول الدكتور نايف جويل، طبيب عام، يعمل بالأقسام الوبائية بمستشفى الرازي: “أؤكد لكم أن جميع الحالات التي توفيت، لم يتم تشخيصها التشخيص الطبي الصحيح، وبعضها تسارعت نهايتها بسبب أنها أخذت علاجاً لا يتناسب مع حالاتها المرضية”.
ويضيف جويل لـ” المشاهد” أن هذا الوضع المأسوي المتمثل بازدياد حالات الوفاة، سببه الرئيسي هو غياب دور مكتب الصحة، وسوء إدارة من القائمين على الصحة بالمحافظة، مؤكداً أن المستقبل القريب لا يبشر بخير أمام هذا الوباء القاتل.

من يتحمل مسؤولية الكارثة؟

وتزامن تفشي فيروس كورونا والحميات الأخرى، مع تفاقم الكارثة الإنسانية التي أنتجتها المواجهات العسكرية بين القوات الحكومية وقوات المجلس الانتقالي المدعومة إماراتياً، والتي اندلعت منذ أسبوعين، شرق زنجبار عاصمة محافظة أبين.

مركز العزل الصحي في مستشفي الرازي

ويحاول كل طرف استغلال هذا الوضع المأساوي لصالحه، واتهام الطرف الآخر بأنه سبب تفاقم الكارثة الصحية.
وتحولت وسائل إعلام الجانبين إلى ساحة للتراشق الإعلامي، مع عدم الاكتراث بأعداد الوفيات المتزايدة يوماً بعد آخر. فالقنوات الحكومية تعتبر أن إعلان الإدارة الذاتية للمجلس الانتقالي هي التي منعت مؤسسات الدولة من العمل في محافظات أبين وعدن ولحج.
ويرى أنصار “الانتقالي” أن سياسة الفساد التي انتهجتها الحكومة هي التي أسهمت في هشاشة  الوضع الصحي. فيما ترك سكان أبين للأوبئة المتعددة التي تفتك بهم.
تزداد مخاوف السكان أكثر مع عدم الإشارة إلى هوية هذا المرض الذي تتأرجح فيه التأويلات بين (مكرفس، وضنك، وملاريا، وكورونا).
ويطالب سكان المحافظة من وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية والمؤسسات الطبية الحكومية والأهلية، بسرعة تدارك الوضع وإنقاذ حياة الناس، قبل أن تتحول المحافظة إلى خيمة عزاء كبيرة.

المصدر/

تعددت الحميات والوفيات تزداد في أبين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *