العيد في زمن كورونا… كيف عاشه اليمنيون؟
يمن بوست/ تقارير
أطل عيد الفطر على اليمنيين هذا العام، بشكل مختلف عمَّا كان عليه في الأعوام السابقة، وذلك بسبب الإجراءات الاحترازية التي أقرتها السلطات ضمن جهودها لمكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد.
وشملت الإجراءات حظر تجوال جزئياً، ومنع التجمعات، وإغلاق الحدائق والمتنزهات، ومنع إقامة صلاة العيد في المساجد.
وتهدف تلك الإجراءات إلى الحد من انتشار الفيروس بين السكان، خصوصاً مع زيادة عدد الإصابات المسجلة بالوباء، في الأسابيع الأخيرة، والتي وصلت في عموم البلاد حتى مساء الثلاثاء ، إلى 249 حالة إصابة مؤكدة، بينها 49 وفاة، و10 حالات تعافٍ.
عيد من غير صلاة
للمرة الأولى منذ سنوات، لن يستطيع سكان اليمن أداء صلاة العيد في المساجد والساحات، باستثناء البعض منها، ويتبادلون التهاني العيدية، حيث دعت وزارة الأوقاف التابعة للحكومة في عدن، الأربعاء الفائت، إلى صلاة عيد الفطر في المنازل، احترازاً ضد وباء كورونا.
وقال أحمد عطية، في تغريدة عبر حسابه الشخصي على موقع “تويتر”: “أتمنى من الجميع ألا تتحول فرحة العيد إلى موسم جنائز”.
بحسب عطية، فإن “التباعد أصبح اليوم واجباً شرعياً”، مجدداً دعواته للمواطنين إلى الصلاة في المنازل وعدم التجمع.
وأضاف: “صلاة العيد، الاجتماع لها سُنة فقط. وحماية المجتمع من كورونا فريضة وواجب شرعي مقدس”.
عدم إقامة صلاة العيد، أثار تبايناً في الآراء، ووصف بعض المواطنين الإجراء بـ”الخاطئ”، كما هو بالنسبة للستيني أحمد فرحان.
وقال لـ”المشاهد” إن “عدم أداء صلاة العيد في جماعة، سابقة هي الأولى في حياتي، وهي خطوة خاطئة كونها تمس إحدى الشعائر الدينية”، مبرراً ذلك بعدم فرض الإجراءات الاحترازية بشكل عام كما يجب.
وأضاف: “عندما يتعلق الأمر بالمسجد والصلاة، يسارعون (يقصد السلطات) إلى إصدار القرارات، وتزداد مخاوفهم، بينما الأسواق تكتظ بالآلاف، ولم يتم إغلاقها”.
ويختلف مع وجهة نظر فرحان الذي يعد أحد سكان مدينة تعز، جاره سعيد غالب (40 عاماً)، الذي يعتبر القرار بأنه “منطقي وصحيح”، حد قوله.
يضيف لـ”المشاهد” أن “الحفاظ على أرواح الناس من انتشار الوباء واجب إنساني وحتمي، فيما صلاة العيد هي في الأخير سُنة”.
ديون وحزن
ليست وحدها إجراءات فيروس كورونا التي ألقت بظلالها على حياة اليمنيين، فالحرب الدائرة في البلاد منذ مارس 2015، فاقمت الوضع المعيشي والإنساني والاقتصادي.
بالنسبة للناشط سليم القاسم (35 عاماً)، فقد استقبل عيد الفطر هذا العام بديون متراكمة وحزن شديد لفقدان من راحوا ضحية فيروس كورونا، كما يقول.
وتوقع القاسم، سقوط المزيد من الضحايا بالوباء، في ظل تدهور الوضع الصحي واستمرار الحرب ومصادرة القرار اليمني لصالح لاعبين دوليين، حد تعبيره.
وقال لـ”المشاهد”: “لم يعد للعيد طعم كما كان عليه من قبل (…)، ولا حل إلا من رب السماء”.
من جهته، يرى المهندس ماجد الصوفي (24 عاماً)، أن هذا العيد مختلف تماماً عن الأعياد السابقة، فهو لم يعره أي اهتمام، بقدر ما هو قلق على صحته جراء انتشار الفيروس.
ويقول الصوفي لـ”المشاهد”: “لم أعد أريد الفرح والمرح في العيد، لم أقتنِ ملابس جديدة للعيد، أو أستعد ذلك الاستعداد الذي يليق بالعيد”، مشيراً إلى أن جلّ اهتمامه أصبح يتركز على كيفية حماية نفسه من الوباء، وتجنب الأسواق والازدحام، والبقاء في المنزل.
ويضيف: “هناك تغيّر كبير لهذا العيد، ففيروس كورونا سلبنا الفرحة، وها هو يسلب الأرواح من حولنا”.
يأمل الصوفي انتهاء جائحة كورونا، وأن يعود العالم لما كان عليه “مفتوحاً بلا مخاوف ولا قيود”.
تباعد اجتماعي
العديد من الطقوس والتقاليد الشعبية المتوارثة التي اعتاد عليها اليمنيون لسنوات، اختفت هذا العام، وافتقدوا أجواءها المليئة بالفرحة والسعد.
ترى العشرينية ندى حسن أن التباعد الاجتماعي سيلغي أبرز مظاهر العيد، ألا وهي “العيدية” التي ألفها الصغار والكبار خلال السنوات الماضية.
و”العيدية” هي عادة متوارثة في اليمن، حيث يقوم الأطفال بالطواف على بيوت أقاربهم وجيرانهم ليحوزوا على بعض الهدايا والحلويات، في صورة تجسد التكافل والتراحم.
تقول حسن لـ”المشاهد” إن الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي ستفي بالغرض، وستتجاوز الإجراءات الاحترازية في ما يتعلق بالتباعد الاجتماعي، من خلال إرسال الرسائل وتبادل التهاني والتبريكات العيدية أيضاً عبر المكالمات الهاتفية.
لكنها تقلل في مدى التزام الناس بالتباعد الاجتماعي، والامتناع عن المصافحة باليد والتقبيل وتبادل الزيارات بين الأقارب والأصدقاء، خصوصاً في ظل هشاشة أداء السلطات الأمنية في تطبيق الإجراءات الاحترازية.
من جانبه، يرى شادي خالد (22 عاماً)، أن طقوس العيد هذه المرة ستختلف تماماً عن سابقاتها، مشدداً على ضرورة التزام الناس بالتباعد الاجتماعي لحماية أنفسهم من الإصابة بفيروس كورونا.
ويقول لـ”المشاهد” إن “تدفق مئات المسافرين من المدن الموبوءة (عدن وصنعاء) إلى مدينة تعز والريف مثلاً؛ سيفاقم المشكلة بشكل كبير، وستتحول طقوس العيد الفرائحية إلى جنازات مفتوحة.