مقدمات ثورة 26 سبتمبر

يمن بوست/ ميديا 

 

لم تكن ثورة 26 سبتمبر 1962، عملاً ارتجاليا، أو نتيجة ظروف طارئة، بل كانت حصيلة محطات نضالية ضد الإمامة، بدأت منذ القرن الأول لاستيلاء الإمامة على الحكم في اليمن.

أخذت فكرة الثورة ضد الإمامة شكلها الشعبي والوطني المنظم، من منتصف أربعينات القرن الماضي، بتشكل النواة الأولى لحركة الأحرار.
جاءت ثورة فبراير 1948، كأول حركة منظمة لإسقاط نظام الإمامة واستبداله بنظام حكم دستوري، يحمل في طياته تحولات جوهرية ستخرج اليمن من عزلتها التي فرضها الإمام يحيى حميد الدين.

نجحت ثورة 1948، أو ما عرف بـ”الثورة الدستورية”، في اغتيال الإمام يحيى حميد الدين، وأوشكت على النجاح، إلا أن فشل الثوار في القضاء على نجله أحمد حميد الدين، الذي كان وليا للعهد حينها، حال دون ذلك، فقد نجح أحمد حميد الدين في حشد أتباعه وإسقاط الثورة، وسجن رموزها وإعدام عدد كبير منهم.

بالرغم من الخسارة الفادحة التي تكبدها الثورة والحركة الوطنية، إلا أن فشل ثورة 1948، زادهم يقينا بضرورة القضاء على الإمامة، ونظام الحكم الملكي، واستبداله بنظام جمهوري، يضمن العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات.

نظّم الثوار صفوفهم، وخططوا لثورة أخرى على أحمد حميد الدين، وبناء على ذلك جاءت حركة إبريل 1955، التي قادها المقدم أحمد الثلايا ورفاقه، والذين نجحوا في إجبار الإمام أحمد على التنازل عن العرش، إلا أن غياب التنسيق بين الثوار، وعدم استنادها لقاعدة شعبية، أحبطها، وسيق قادة الحركة إلى ساحات الإعدام، لتبدأ مرحلة قمعية غير مسبوقة ضد الحركة الوطنية.

لم يبق أمام الثوار من خيار إلا اغتيال الإمام أحمد، ومن هنا جاءت حركة مارس 1961، حيث نفذ ثلاثة من أبطال اليمن، هم الملازم عبدالله اللقية ومحمد عبدالله العلفي، ومحسن الهندوانة، محاولة اغتيال للإمام أحمد في أحد مستشفيات الحديدة.

نجح الأحرار الثلاثة في إصابة الإمام أحمد، إصابة بالغة، لكنه نجا، واستشهد الأحرار الثلاثة بعد أن اشتبكوا مع حرس الإمام، الذي ظل يعاني من إصابته حتى توفي متأثرا بها في 19 سبتمبر 1962.

حينها كانت الحركة الوطنية قد بلغت الذروة من حيث التنظيم والالتفاف الشعبي والعسكري حولها، وبعد وفاة الإمام أحمد، تولى محمد البدر نجله، الذي أظهر في البداية رغبة في الإصلاح، لكنه انقلب وأعلن صراحة عزمه المضي على نفس منوال والده.

قرر الثوار الاستعجال بالثورة الكبرى، قبل أن يشتد سلطان محمد البدر، وقبل أن يتمكن من امتلاك زمام الحكم، فبادروا لتنفيذ الثورة بعد ستة أيام فقط من اعتلاء محمد البدر مقاليد الحكم.

وفي 26 سبتمبر 1962، أطلق الثوار شرارة الثورة، بعد أن خططوا لها بدقة، مستفيدين من أخطاء الحركات النضالية السابقة في 1948، و1955، و1961، ونجحوا فعلا في السيطرة على صنعاء وتعز وأجبروا محمد البدر على الفرار.

أعلنت الجمهورية، ومن هنا بدأت مرحلة جديدة من الصراع بين الإمامة والجمهورية، ودخلت السعودية كداعم رئيسي لفلول الإمامة، بينما انخرطت جمهورية مصر العربية، إلى جانب الجمهورية الوليدة، وأرسلت الآلاف من جنودها لتثبيت النظام الجمهورية.

استمر النزاع بين الجمهورية، وفلول الإمامة، قرابة 7 سنوات، وعاشت الجمهورية ورجالها مراحل حرجة، خصوصا أواخر العام 1967، واوائل العام 1968، فيما يعرف بـ”حصار صنعاء”، والذي انتهى بهزيمة فلول الإمامة، وتنازل البدر عن المطالبة بالحكم، لتتم المصالحة الوطنية عام 1970، وبذلك طويت صفحة الإمامة إلى غير رجعة.

#يمن_بوست

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *