التعليم حكر على النخب، ويعود باليمن إلى ما قبل (50) عام
يمن بوست/ تقرير خاص
صنعاء
تقوم جماعة الحوثي بابتزاز المدارس الأهلية بأوراق رسمية صادرة من مكاتب التربية والتعليم في المديريات، وبأوامر صرف، تعتبرها الجماعة الزامية وواجبة على أصحاب هذه المدارس.
فهي تقوم بإرغام المدارس الأهلية على دفع ما يسمى بالتأمينات (بدل حماية) بصورة شهرية، وهي عبارة عن مبالغ مالية تصرف من المدرسة بموجب مذكرات رسمية من مكاتب التربية بالمديريات بصرف تلك المبالغ للمشرفين التابعين للجماعة في منطقة تواجد المدرسة مقابل تقديم خدمات الحماية لها.
أكد على ذلك مدير إحدى المدارس -طلب عدم الإفصاح عن اسمه- في حديث لـ”يمن بوست” بأن مكتب التربية لا يمر عليه أسابيع حتى تصدر قرار من شأنه ابتزاز مدرسته تارة لدعم الجبهات وتارة أخرى لدعم المسيرات والاحتفالات الخاصة بالجماعة التي تنظمها في المناسبات الدينية الخاصة بها، كدفع أجور النقل للحافلات التي تقوم بنقل معلمي المدارس الحكومية إلى مواقع إقامة المسيرات والاحتفاليات.
وأضاف: “لقد فكرت كثيرا بإغلاق المدرسة، وكذلك برفع الرسوم الدراسية لتغطية تلك النفقات”.
إلى ذلك فإن جماعة الحوثي تطلب من مدراء المدارس تنفيذ إذاعات مدرسية وفعاليات خاصة بالمناسبات والاحتفاليات الدينية الخاصة بهم، وبحضور عدد من المشرفين الحوثيين في المنطقة وموظفين محسوبين على الجماعة من وزارة التربية والتعليم، الذي يتم صرف مبالغ مالية لهم من قبل المدرسة تحت مسمى (وجبه الإفطار)، يتم صرفها في مظاريف تكتب أسماء كلا منهم وتسلم لهم باليد بإدارة المدرسة بعد الإذاعة المقامة أو الفعالية دون أي استلام رسمي بذلك.
مقاعد مجانية لأبناء الشهداء
تقوم جماعه الحوثي بإرغام المدارس الأهلية بمقاعد دراسية مجانية لأبناء الشهداء من قبل الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء.
ففي السنوات الأخيرة قامت جماعة الحوثي بإجبار جميع المدارس الأهلية في المناطق الواقعة تحت سيطرتها بتخصيص (15) مقعد مجاني لأبناء الشهداء في كل مدرسة خاصة، وفي حالة رفض المدرسة لهذه التوجيهات أو طلب رسوم رمزية عن الطلاب، فإن مكاتب التربية بالمديريات ترفع بها كمخالفات تكلف المدرسة مبالغ هائلة أو تقوم بإغلاق المدرسة في كثير من الحالات. وهذا ما دفع المدارس الأهلية إلى رفع الرسوم الدراسية بشكل كبير على باقي الطلاب.
رسوم دراسية باهظة:
وفي ذات السياق، قال أحد أولياء أمور الطلاب: “إن الرسوم الدراسية أصبحت خيالية وبأنهم لم يعودوا قادرين على تحمل تكاليف التعليم الخاص، ولن يستطيعوا تحمل نفقاتها هذا العام؛ فالرسوم الدراسية مرتفعة جدا”.
وأضاف: “إن قيمة الكتب لا يتم احتسابها ضمن الرسوم، بل يتم دفع مبلغ (15) ألفاً إضافي كقيمة المنهج لطلاب المراحل الدراسية الأولى (الأساسية)، ومبلغ (25) ألفاً لطلاب الاعدادي”.
كما أكدت والدة إحدى الطالبات بأنها قامت بسحب ملف ابنتها ونقلها إلى مدرسة حكومية، رغم عدم توفر مدرسين ولا كتب مدرسية فيها.
وقال ولي أمر طالب أخر لـ”يمن بوست”: أضطر للعمل طوال النهار من أجل تحمل نفقات المدارس الأهلية، وأقوم بحرمان بيتي من أبسط الأشياء الضرورية لتوفير المال وسداد أقساط المدرسة التي لا ترحم”.
بين مطرقة المدارس الأهلية وسندان المدارس الحكومية، أصبح الأهالي في تحد كبير من أجل حماية أبنائهم وتمكينهم من الحصول على الحد الأدنى من التعليم، خصوصا مع تحول المدارس الحكومية إلى مراكز لاستقطاب الشباب وتجنيدهم لتغذية جبهات القتال، وبهذا عاد التعليم أكثر من (58) عاماً، ليصبح حكرا على النخب اليمنية، والمتنفذين في أطراف الصراع اليمني.