الحوثيون يطلقون صواريخ باتجاه إسرائيل بينما ترامب يتحدث في السعودية

في مشهد يحمل رسائل سياسية بالغة التعقيد، أطلقت ميليشيا الحوثي، المدعومة من إيران، ثلاثة صواريخ باليستية باتجاه إسرائيل، بالتزامن مع كلمة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، خلال مشاركته في المنتدى السعودي – الأمريكي في الرياض، يوم الثلاثاء.. هذا التطور المفاجئ جاء بعد أيام فقط من إعلان ترامب عن “تفاهم” غير معلن مع الحوثيين لوقف استهداف السفن الأمريكية مقابل وقف الضربات ضد الجماعة.
الضربة الحوثية، التي أكدت وسائل إعلام إسرائيلية اعتراض أحد صواريخها فوق إسرائيل، والثاني فوق البحر الأحمر، بينما سقط الثالث خارج الحدود، جاءت في توقيت شديد الحساسية، بينما كان ترامب يتحدث عن “قدرة الحوار على وقف العنف”، كانت جماعة صنفها سابقًا بـ”الإرهابية” ترد عليه عسكريًا، في ما بدا أنه رسالة استهتار أو تحدٍّ سياسي مباشر.
يطرح هذا التطور تساؤلات جدية حول مصداقية التفاهم المزعوم بين ترامب والحوثيين، خاصة في ظل إشادته بهم قبل أيام واصفًا إياهم بأنهم “مقاتلون أشداء” تفاوضوا معه على وقف الاستهداف المتبادل، وهو ما وصفه سابقًا بـ”الاستسلام”.
تؤكد المؤشرات أن الضربة لم تكن قرارًا حوثيًا خالصًا، بل أقرب إلى رسالة سياسية وعسكرية إيرانية، أرادت من خلالها طهران أن تقول إنها ما زالت تمسك بخيوط التصعيد في المنطقة، وتستطيع توجيه أدواتها في اليمن متى شاءت، سواء لاستفزاز إسرائيل أو لتذكير واشنطن بأن التفاهمات لا تُبنى دون المرور عبرها.
ويرى محللون أن الحرس الثوري الإيراني قد يكون من يقف وراء الترتيب الزمني الدقيق لإطلاق الصواريخ تزامنًا مع خطاب ترامب، في محاولة لإظهار أن “الصفقات الأمريكية” مع أذرع طهران في اليمن يمكن نسفها بلحظة.
أين تقف إسرائيل من المشهد؟
ورغم أن الحوثيين أطلقوا صواريخ باتجاه إسرائيل؛ إلا أن طبيعة الهجوم ونتائجه المحدودة، وعدم تكرار استهداف إسرائيل منذ بدء العدوان على غزة في أكتوبر الماضي، يفتح باب الشك حول مدى جدية الجماعة في استهداف تل أبيب فعليًا.
زيارة ترامب إلى السعودية، التي جاءت ضمن تحركاته الدولية استعدادًا لانتخابات 2024، أراد من خلالها تقديم نفسه كزعيم قادر على إدارة الملفات المعقدة بالتفاهم لا بالصدام. غير أن هذه الرسالة السياسية واجهت صفعة رمزية حين أطلقت الجماعة التي “تفاهم” معها، صواريخها في نفس اللحظة التي كان يخاطب فيها منتدى دوليًا.
ويعيد هذا المشهد إلى الأذهان تساؤلات قديمة حول مدى فعالية “نهج الصفقات” الذي يتبناه ترامب، ومدى استيعابه للتشابكات الإقليمية، لاسيما في ملف الحوثيين الذي لا يمكن فصله عن النفوذ الإيراني.
تفاهم هش وواقع مضطرب
ما جرى يوم الثلاثاء، من إطلاق الصواريخ في لحظة خطاب ترامب، يختصر مشهدًا أكثر تعقيدًا مما يبدو على السطح. فالتفاهمات غير المبنية على رؤية شاملة وتوازن قوى حقيقي، سرعان ما تتحول إلى مجرد وعود لفظية تنهار عند أول اختبار ميداني.
ويبقى التحدي الأكبر أمام أي إدارة أمريكية قادمة، هو إدراك أن التعامل مع الجماعات المسلحة المدعومة من دول إقليمية، لا يمكن أن يتم كأطراف مستقلة أو قابلة للتفاهم الأحادي، بل كأذرع عسكرية واستراتيجية تتبع أجندات تتجاوز ساحاتها المحلية بكثير.