حالة استياء واسعة من “الكريمي”

يمن بوست/ تقارير 

صحيفة الشارع

 

اتهام المصرف باستغلال قرار جماعة الحوثي  بمنع تداول العملة المطبوعةحديثاً في مناطق سيطرتها

  • الكريمي: ما فرضناه فارق سعرالصرف بين صنعاء وعدن وليسعمولة

  • العملاء: لماذا لا يستفيد من يرسلالحوالة بالعملة القديمة من صنعاءإلى عدن أو تعز، إذا كان الأمر فارقصرف؟

خبير اقتصادي: الأمر احتيال واستغلالولا علاقة بفارق سعر الصرف أو الحدمن المضاربة

  • أسامة: معي ثلاثة ملايين، أريد أنأرسلها لخطيبتي في صنعاء لتجهيزعرسها، ويريدالكريميأن يخصمبحدود 800 ألف كعمولة تحويل

  • أحد الخبراء الاقتصاديين: المبالغالتي تحول عبر الكريمي يومياً منالمناطق المحررة إلى المناطق غيرالمحررة تقدر بـ500 مليون ريال، ولذافإن نسبة العمولة يستقطعهاالكريمي، يومياً، تصل إلى 150 مليون ريال

  • محمد الحيدري: أرسل لأسرتي مائةألف ريال مصاريف وأجور سكن؛ منذخمسة أشهر، باتت المائة الألف التيأرسلها عبر الكريمي 70 ألف ريال

تعز- “الشارع”- ملف خاص:

قال: “معي ثلاثة ملايين ريال، أريد أن أرسلها مقابل ذهب لخطيبتي بصنعاء وتجهيز عرسها.. يريد “الكريمي” أن يخصم بحدود 800 ألف ريال من المبلغ، كعمولة تحويل”.

وأضاف أسامة أحمد لـ “الشارع”: “في البداية، وقبل أربعة أشهر تقريباً، كان الكريمي يطلب على المائة الألف الريال عشرة آلاف عمولة تحويل، وعلى المليون مائة ألف ريال، أما اليوم قفزت العمولة إلى رقم قياسي وخيالي، 270 ألف ريال على المليون، وهذا مبلغ ليس بالبسيط.. إنه أكثر من خُمس المبلغ المحول!”.

أسامة الموظف في شركة خاصة في تعز، والذي يتقاضى راتباً شهرياً قدره 140 ألف ريال، يقول، إن ظروفه لا تسمح له، إطلاقاً، بدفع هذه العمولة، مقابل تحويل مهر زوجته، الذي احتاج منه تجميعه الكثير من الوقت، والكثير من التقشف والعناء.

وطوال خمسة أشهر والشاب يعاني، وهو يبحث عن طريقة لإرسال مهر وتكاليف زواجه البالغة 3 ملايين ريال يمني، من تعز إلى صنعاء. ذلك أن رسوم تحويل مبلغ كهذا يصل إلى قرابة 800 ألف ريال، بعد أن رفعت شركات الصرافة عمولة التحويل، من المناطق المحررة إلى مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، إلى 27% من قيمة المبالغ المحولة.

هذه العمولة الكبيرة، بدأت بعد اتخاذ البنك المركزي اليمني في صنعاء، والواقع تحت سيطرة مليشيا الحوثي، قراراً في الـ 9 من ديسمبر الماضي، بعدم التعامل مع العملة المطبوعة حديثاً، والصادرة عن البنك المركزي في عدن.

ففي حين اتخذت المليشيات القرار، من باب تصعيد حربها على الشرعية، انتهزت شركات الصرافة ذلك، واعتبرته باباً جديداً للتربح، مستغلة اضطرار الكثيرين لتحويل المبالغ عبر شركات الصرافة، وسعت إلى استخدام وابتكار طرق جديدة في التعامل مع التحويلات المالية. بحسب تعبيرات الكثيرين.

 في البداية فرضت شركات الصرافة رسوم بنسبة 10% من قيمة المبالغ المحولة، إلى أن وصلت حالياً إلى 30% من قيمة المبالغ المحولة.

هذا الأمر دفع أسامة إلى ابتكار طرق ووسائل أخرى، تمكنه من إرسال المبلغ إلى صنعاء خارج شباك الكريمي. يقول: “أعرف شباب وأصدقاء هنا في تعز يعملون في فروع شركات خاصة، ويستلمون رواتبهم من مكاتبهم الرئيسية التي مقرها في صنعاء، ولهذا اتفقت معهم أنني أسلم لهم رواتبهم هنا في تعز مقابل السماح لي بأخذ رواتبهم من صنعاء بالعملة القديمة، وافقوا من باب التعاون معي. وبهذه الطريقة تمكنت من إيجاد حل لمشكلتي، رغم أن ذلك يأخذ مني وقتاً وجهداً؛ لكن أنا مجبر أن أفعل ذلك”.

إلى جانب أسامة الآلاف في تعز وعدن، وغيرها من المناطق المحررة، يعانون من المشكلة ذاتها، فهم يعيشون ويعملون في هذه المناطق، في حين تسكن أسرهم إما في صنعاء أو في عمران أو غيرها، من المناطق غير المحررة، وهم ملتزمون بمصاريف شهرية لأسرهم؛ ومنذ اتخاذ الكريمي، والكثير من شركات الصرافة، قرار رفع رسوم التحويلات، بات هؤلاء ضحايا للخصميات الزائدة على تحويلاتهم المالية.

يقول محمد الحيدري لـ “الشارع”: “أنا أعمل سائقاً في تعز، وأسرتي في صنعاء، ونهاية كل شهر، أرسل لأسرتي مائة ألف ريال مصاريف وأجور سكن؛ لكن منذ خمسة أشهر باتت المائة الألف التي أرسلها عبر الكريمي 70 ألف ريال، بعد أن قرر الكريمي خصم 30 ألف ريال منها”.

“الشارع” رصدت الكثير من الشكاوى المتعلقة بهذا الأمر، وما أكثرها.

كما توضح سندات الصرف التي حصلت عليها “الشارع”، تبدو المبالغ التي تأخذها شركات الصرافة مهولة وكبيرة، ويبدو كما لو أن العملية تحولت إلى استغلال وتربح لا أقل ولا أكثر.

يقول معتصم محمد، لـ “الشارع”: “ما يدل على أن المواطن يتعرض لعملية احتيال من قبل الكريمي وشركات الصرافة، هو أن هذه الشركات، وفي الأسابيع الأولى من اتخاذ الحوثيين قراراً بعدم التعامل بالعملة الجديدة، كانوا يأخذون على المائة الألف الريال سبعة آلاف ريال، أما اليوم فقد صاروا يأخذون 30 ألف ريال، كانت سبعة آلاف في البداية، وارتفعت إلى 9 آلاف، ثم عشرة آلاف، ثم 13 ألفاً، ثم 15 ألفاً، ثم 18 ألفاً.. وهكذا إلى أن وصلت إلى 30 ألف ريال”.

ويوضح معتصم: “هذا التدرج في رفع سعر العمولات يؤكد عملية احتيال واستغلال، لا أقل ولا أكثر”.

توجهت “الشارع” إلى مصرف الكريمي ببعض الاستفسارات المتعلقة بهذا الجانب، جانب التحويلات المالية، وفرض عمولات وصلت إلى 30% من المبالغ المحولة.

يرد أحد العاملين في مصرف الكريمي قائلاً لـ “الشارع”: “إن المبلغ الذي يؤخذ هو فارق سعر الصرف بين صنعاء وعدن، وليس عمولة”. موضحاً: “عندما قام الحوثي بمنع تداول العملة الجديدة في المناطق التي يسيطر عليها، استقر سعر صرف الريال السعودي، لأن البنك المركزي لا يقوم بطبع عملة جديدة، بينما عندنا في مناطق الشرعية ارتفع سعر الصرف السعودي بشكل جنوني، ووصل إلى 197 ريالا يمنياً للريال السعودي الواحد، فالكريمي من المستحيل أن لا يفرض هذه العمولات، لأن التجار سيستغلون فارق الصرف الذي بلغ أكثر من 35 ألف ريال يمني للألف السعودي الواحد، بين صنعاء وتعز، وهكذا سيقومون بشراء العملة السعودي من صنعاء ويقومون بصرفها في تعز، فالكريمي رفع العمولات للحد من استغلال العملة والمضاربة بها”.

التساؤل الذي يطرحه كثيرون هو: “لماذا إذاً لا يستفيد من يرسل الحوالة بالعملة القديمة التي أصبحت قيمتها زائدة عن قيمة العملة الجديدة بنسبة 30% من صنعاء إلى عدن أو تعز، نتيجة فارق الصرف في عملية عكسية؟

هذا التساؤل طرحته صحيفة “الشارع” على أحد العاملين في مصرف الكريمي، فرد قائلاً بصورة غير مقنعة: “يرسل بها سعودي ويستلمها سعودي من عدن أو تعز، عبر الكريمي”.

طرحنا هذا الأمر على بعض العملاء الذين يتعاملون مع الكريمي، حيث قال أشرف صالح لـ “الشارع”، بأن الكريمي لا يبيع لك عملة سعودي في صنعاء أحياناً كثيرة، الأمر الذي يجعلك تقوم بتحويل المبلغ بالريال اليمني”.

ومن جهته، أفاد توفيق خالد، في تعز لـ “الشارع”، بأن الكريمي لا يصرف لك ريال سعودي في تعز، بل يجبرك أن تستلمها بالعملة اليمنية، يصرفها لك ليس بسعر صرف السوق، بل بسعر أقل”.

يقدر أحد الخبراء الاقتصاديين، في حديثه مع “الشارع”، المبالغ التي تحول عبر الكريمي يومياً، من المناطق المحررة إلى المناطق غير المحررة، بـ 500 مليون ريال، ولذا فإن نسبة العمولة من هذا المبلغ التي يستقطعها الكريمي تصل إلى 150 مليون ريال.

وبالمقابل هناك 500 مليون ريال يتم إرسالها من المناطق التي تسيطر عليها مليشيات الحوثي، إلى المناطق المحررة يومياً، ولا يتم دفع فارق سعر صرف لأصحابها.

ولكن في مقياس الحساب والمنطق، يشير أحد الخبراء الاقتصاديين، في حديثه مع “الشارع”، إلى أن عملية الإرسال والاستلام، عملية جارية تتم عبر شركات الصرافة نفسها وفروعها في المحافظات، فالكريمي مثلاً يرسل ويستلم هذه العملات التي استغلها لصالحه عبر فروعه، فالـ 500 المليون التي يستقطع مقابل تحويلها من مناطق الشرعية 150 مليون ريال، هو يدفعها للناس في صنعاء من الأموال التي ترسل عبره أصلاً من قبل عملائه هناك، ما يعني أن الأمر احتيال واستغلال ولا علاقة بفارق سعر الصرف أو الحد من المضاربة، بحسب تعبير الخبير الاقتصادي.

ويقول هذا الخبير، الذي فضل عدم ذكر اسمه لـ “الشارع”: “شركات الصرافة ليست بريئة من استثمارها لهذا الوضع لصالحها، وما يتم هو عملية احتيال كبرى، يدفع ثمنها المواطن البسيط، لزيادة أرباح هذه الشركات على حساب معاناة الناس”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *