أم سعد رحلة كفاح مريرة في ظل الحرب

يمن بوست/ تقارير 

خاص- غيداء محمد: 

تعتبرالمرأة اليمنية الضحية الأكثر تضرراً من ويلات الحرب وتبعاتها من عدة نواح أهمها الظروف المعيشية والاقتصادية.

نتناول اليوم إحدى قصص المعاناة للمرأة اليمنية من آلاف النساء اللواتي يعانين منذ اندلاع الحرب على اليمن.

بطلتها أم سعد ذات العقد الخامس من عمرها، وأم لثلاث بنات وشابين.

كانت أم سعد قبل الحرب تعيش حياة ذات مستوى معيشي متوسط، حيث كان يعمل زوجها جندي في أحد المعسكرات بالعاصمة صنعاء.

وبعد اندلاع الحرب كان زوجها أحد المنضمين للقتال في صفوف جماعة الحوثي، ليلقى حتفه في العام 2019م، بإحدى جبهات القتال التابعة للجماعة .

ليتولى ابنها سعد مهمة إعالة أسرته وترك الجامعة، لكي يتمكن من مساعدة أخواته على استكمال الدراسة في الجامعات، فقام بالالتحاق بصفوف جماعة الحوثي في مأرب، حيث لم يكن له خيار آخر، وذلك بسبب الإغراءات المادية والمالية التي تقدمها جماعة الحوثي لاستقطاب الشباب وتجنيدهم بعد أن ضيقت عليهم الخناق في البحث عن عمل آخر، ولكنه قُتل هو الآخر بعد عام واحد من مقتل والده.

ذلك الأمر جعل أم سعد تلجأ للبحث عن عمل تستطيع من خلاله إعالة أسرتها.

” تقول أم سعد،: أنا أمرأة غير متعلمة لهذا بحثت عن أعمال مناسبة لي فعملت في خدمة المنازل لفترة وجيزة ولكن بسبب كبري بالسن وضعفي لم أستطع أن أستمر في هذا العمل “

فتضطر إحدى بناتها إلى ترك دراستها بالجامعة، والعمل في خدمة المنازل، لكن المقابل التي تتقاضاه من هذا العمل لم يكن يكفي حتى لدفع إيجار المنزل الذي تسكنه أم سعد وأولادها، والذي تضاعف إيجاره بعد نزوح العديد من المتضررين من الحرب إلى العاصمة صنعاء واستغلال ملاك العقارات لهذا الوضع المأساوي ورفع الإيجارات أضعافا دون مراعاة لظروف الأسر المتضررة.

لم تتوقف معاناة أم سعد عند هذا الحد، لتتفاقم أكثر عندما قرر ابنها الأصغر والبالغ من العمر 16 عامآ، ترك المدرسة والذهاب للقتال إلى جانب صفوف جماعة الحوثي، لنفس السبب الذي دفع أخاه الأكبر ومن قبله والده على الالتحاق بجبهات القتال.

تصف أم سعد مأساتها بقولها: لم أعد أحتمل فقدان أحد من أفراد أسرتي فكل من ذهب إلى الجبهة يعود جثة هامدة وكان من الممكن أن أعمل أي شيء مقابل عدم ذهاب ابني الأصغر إلى جبهات القتال.

لذلك قامت أم سعد بالبحث عن مصدر عيش آخر يعيلها وأسرتها ويمنع ذهاب ابنها إلى الجبهة، لتعمل على إعداد نوع من انواع الخبز اليمني والمعروف ب ( اللحوح ) والذي يكثر استهلاكه في الأوساط الشعبية وخصوصا في شهر رمضان، وتقوم ابنتها ببيعه في السوق المجاور للمنزل.

وهكذا حاولت أم سعد تغطيت جزء من الاحتياجات الضرورية لأسرتها، رغم ما نتج عن هذا العمل من آثار صحية سيئة عليها، والذي تسبب بانزلاق في عمودها الفقري بسبب كثرة الوقوف على قدميها.

تتحدث أم سعد: أنهض قبل آذان الفجر بساعة وأستمر بإعداد اللحوح حتى الساعة الواحدة بعد الظهر دون توقف، ولكن ذلك الألم الذي أعاني منه لا شيء مقابل أن يظل ابني بجانبي حتى لا أفقده كما فقدت زوجي وابني الأكبر.

أم سعد واحدة ضمن الكثيرين من ضحايا الحرب في اليمن، عانت كثيراً وتحملت مشقات تفوق طاقتها وخسرت زوجها وابنها، لكن ذلك لم يُجبرها على التوقف عن حماية أطفالها ومحاولة تجنيبهم ويلات الحرب قدر الإمكان، وتوفير الحياة الكريمة البسيطة لهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *