في اليمن… انتهاكات متواصلة بلا مساءلة

يمن بوست/ تقارير 

خيوط: 

قالت منظمة العفو الدولية إن جميع أطراف النزاع في اليمن استمرت في ارتكاب انتهاكات للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، مع الإفلات من العقاب. واستمرت كلٌّ من قوات التحالف بقيادة السعودية -الذي يدعم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا- والقوات التابعة لأنصار الله (الحوثيين)، في شن هجمات أسفرت عن قتل وجرح مدنيين بصورة غير قانونية، وتدمير أهداف مدنية.

واتهمت العفو الدولية في تقريرها السنوي 2020–2021، الصادر يوم  11 أبريل/ نيسان، جميع أطراف النزاع بتنفيذ عمليات احتجاز تعسفي واختفاء قسري وتعذيب، وغيره من ضروب المعاملة السيئة، وإجراء محاكمات جائرة لأشخاص استهدفوا بسبب انتماءاتهم السياسية أو الدينية أو المهنية أو بسبب أنشطتهم السلمية.

وأعاقت أطراف النزاع وصول السلع الضرورية للحياة، بما فيها الغذاء والدواء والوقود. واستمرت القوات التابعة لأنصار الله (الحوثيين) في فرض قيود تعسفية -وفق العفو الدولية- على هيئات المساعدات الإنسانية.

كما فرض تفشي وباء فيروس “كوفيد-19” كما ورد في التقرير، مزيدﹰا من الضغوط على نظام الرعاية الصحية المرهق أصلًا، والمستشفيات والمرافق الصحية التابعة له بنسبة %50 من طاقتها فقط، مقارنة بعام 2016، وبالإضافة إلى ذلك، فإن انخفاض تمويل الاستجابة الإنسانية بنسبة 50% أيضًا، مقارنة بالعام 2019، أدى إلى زيادة الآثار الضارة للوباء على ما تبقى من النظام الصحي، وتفاقم انعدام الأمن الغذائي والحد من إمكانية الحصول على المياه النظيفة، والإمدادات الصحية، ومرافق الصحة العامة. وتضرﹼﹶر الأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة والعمال المهاجرون، بشكل غير متناسب، من جراء النزاع والوباء.

تؤكد العفو الدولية أن النزاع المسلح استمر خلال عام 2020، مع تصاعد الهجمات من قبل أطراف النزاع، في محافظات مأرب والجوف والبيضاء والضالع والحديدة وأبين وشبوة، فيما استمرت الانتهاكات من قبل جميع أطراف النزاع في اليمن

وتنشر “خيوط” في هذا الصدد -كما في الموجة الأولى العام الماضي- سلسلة من التقارير والتحقيقات والقصص الإنسانية من مختلف المحافظات اليمنية، خصوصًا المتضررة منها بالوباء، ترصد من خلالها معاناة اليمنيين من الموجة الثانية لفيروس كورونا وتبعات انتشاره الكارثية في ظل قطاع صحي متدهور لا يقوى على تقديم الرعاية الطبية المناسبة، في ظل افتقاده لأهم المستلزمات والاحتياجات الطبية الضرورية.
في يونيو/ حزيران من العام الماضي، قدر وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، أن عدد الذين أصيبوا بالفيروس في اليمن بلغ حوالي مليون شخص، وأن نسبة الوفيات بلغت 25%، أي خمسة أضعاف المعدل العالمي. وذكرت الأمم المتحدة أن العاملين الصحيين، بمن فيهم الأشخاص الذين يعملون في الخطوط الأمامية للتصدي لفيروس “كوفيد-19″، قد تضرروا بشكل كبير من تقليص المساعدات بنحو %50.

انتهاكات متصاعدة

في الأثناء، تؤكد العفو الدولية أن النزاع المسلح استمر خلال عام 2020، مع تصاعد الهجمات من قبل أطراف النزاع، في محافظات مأرب والجوف والبيضاء والضالع والحديدة وأبين وشبوة. ولقيت دعوة الأمين العام للأمم المتحدة -في مارس/ آذار، إلى وقف إطلاق النار الفوري على المستوى العالمي والإنساني، بهدف وضع حدٍّ للأعمال العدائية ومجابهة “كوفيد-19”- ترحيبًا من جانب جميع أطراف النزاع، باستثناء القوات التابعة لجماعة أنصار الله (الحوثيين)، التي رفضت المشاركة.

وتطرق تقرير العفو الدولية إلى ما قام به المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم كما قالت المنظمة من الإمارات العربية المتحدة، والذي أعلن في أبريل/ نيسان من العام الماضي “الحكم الذاتي” في المناطق الخاضعة لسيطرتهم في جنوب اليمن، قبل استئناف محادثات السلام عبر ما يسمى باتفاق الرياض، والذي أسفر عن تشكيل حكومة جديدة برئاسة معين عبدالملك كجزء من اتفاق الرياض.

وأعلنت الإمارات العربية المتحدة عن إكمال انسحابها العسكري على مراحل من اليمن، بيد أنها كما تؤكد العفو الدولية، استمرت في تحويل الأسلحة والمعدات العسكرية إلى الميليشيات في اليمن وتنفيذ ضربات جوية، حسب ما جاء في تقرير المنظمة.

الهجمات وعمليات القتل غير المشروعة؛ استمر جميع أطراف النزاع في ارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني والإفلات من العقاب عليها، بما في ذلك الهجمات العشوائية التي أسفرت عن قتل وجرح مدنيين وتدمير أهداف مدنية وإلحاق أضرار بها.
واستخدمت القوات التابعة لأنصار الله (الحوثيين) -التي تطلق عليها العفو الدولية في تقريرها “القوات الحوثية”- أسلحة غير دقيقة في مناطق مأهولة بالسكان، وزرعت ألغامًا مضادة للأفراد محظورة دوليًّا في المناطق الزراعية والآبار والقرى، ونفذت عمليات قصف لا تراعي قاعدة التمييز، مما تسبب في وقوع مئات الخسائر في صفوف المدنيين. في مارس/ آذار، أصابت هجمات عشوائية، شنتها “القوات الحوثية” -كما تؤكد العفو الدولية- مستشفى الثورة، وهو أكبر مستشفى عام في تعز. وفي أبريل/ نيسان، تم قصف السجن المركزي في تعز، ما أسفر عن مقتل خمس نساء وطفل، وجرح ما لا يقل عن 11 مدنيًّا.

وإلى جانب ما تعرض له مطار عدن من هجوم بعد فترة وجيزة من وصول أعضاء الحكومة الجديدة من الرياض إلى مدينة عدن، وأسفر عن مقتل 26 شخصًا، من بينهم عمال إغاثة، وإصابة 50 آخرين، ذكر تقرير العفو الدولية أن التحالف بقيادة السعودية نفذ ضربات جوية عديدة في شمال اليمن، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 49 مدنيًّا، بينهم ستة أطفال.

وقرر فريق خبراء الأمم المتحدة البارزين الدوليين والإقليميين بشأن اليمن أن هذه الحوادث تستلزم إجراء مزيد من التحقيقات، وأشار إلى أن ارتفاع عدد الخسائر في صفوف المدنيين أثار أسئلة حول مدى تناسب الهجمات، وما إذا كان التحالف بقيادة السعودية قد اتخذ جميع الإجراءات الضرورية لحماية المدنيين، وتقليص الخسائر إلى الحد الأدنى.

احتجاز وتعذيب

وفق العفو الدولية، والتي استندت كذلك إلى تقارير منظمات يمنية ودولية، فإن جميع أطراف النزاع استمرت في احتجاز وتعذيب مئات الأشخاص الذين استهدفوا بسبب انتماءاتهم السياسية أو الدينية أو المهنية، أو بسبب أنشطتهم السلمية.

كما استهدفت أطراف النزاع صحفيين ومدافعين عن حقوق الإنسان، منذ العام 2016، ووُضع المحتجزون في مراكز احتجاز غير رسمية، في أوضاع خطيرة.

ففي عدن على سبيل المثال، وضع المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من الإمارات العربية المتحدة، المحتجزين، كما تقول العفو الدولية، في مبنى من الصفيح وفي قبو تحت الأرض بمعسكر الجلاء.
ووفقًا لفريق الخبراء البارزين بشأن اليمن في الأمم المتحدة، فإن الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا مسؤولة عن إساءة معاملة المحتجزين، التي تصل أحيانًا إلى حد التعذيب، في سجن الأمن السياسي في مأرب.

وعرضت الأوضاع المزرية في السجون ومراكز الاحتجاز -من قبيل الاكتظاظ الشديد، وعدم الحصول على الرعاية الصحية، وسوء حالة النظافة والإمدادات الصحية، مصحوبةﹰ بتفشي فيروس “كوفيد-19”- المحتجزين لمخاطر صحية فائقة.

وتطرق التقرير إلى الانتهاكات التي قامت بها جماعة أنصار الله (الحوثيين) تجاه الطائفة البهائية، وكذا ما صدر عن سلطاتها من حكم بالإعدام على 4 صحفيين، وتقول العفو الدولية إن السلطات المعنية في اليمن لم تتخذ الإجراءات اللازمة لحماية المحتجزين، والحد من انتشار الفيروس في السجون ومراكز الاحتجاز، من قبيل توفير الكمامات أو غيرها من مواد النظافة.

وظل توفيق المنصوري، في قائمة المحكومين بالإعدام، كواحد من أربعة صحفيين حُكم عليهم بالإعدام في 2020. وهو يعاني -كما تقول المنظمة- من أمراض مزمنة، كالسكري والفشل الكلوي، ومشكلات في القلب، والتهاب البروستاتا، والربو. إذ استمرت سلطات الأمر الواقع الحوثية في حرمانه من المعالجة الطبية التي تحافظ على حياته، على الرغم من وضعه الصحي الحرج.

واحتجزت سلطة أنصار الله (الحوثيين) -كما ورد في تقرير العفو الدولية- مهاجرين في ظروف مزرية، وحرمتهم من الحصول على الحماية وإجراءات طلب اللجوء. وعندما تفشى الوباء، طردت السلطات التابعة لأنصار الله (الحوثيين) آلاف المهاجرين إلى المملكة العربية السعودية، حيث احتجزوا في ظروف تشكل خطرًا على حياتهم، بانتظار إعادتهم إلى بلدانهم، في هذا الخصوص كان حريق قد شب بعد تعرضه لمقذوفات، على إثر مشادات تطورت إلى اشتباكات بالأيدي بين المهاجرين المحتجزين وقوات تابعة لجماعة أنصار الله (الحوثيين)، في أحد مراكز الاحتجاز في صنعاء أسفر عن مقتل وإصابة العشرات.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *