قصيدة أُمّي

يمن بوست/ ميديا 

بردونيات 

أُمّي

تركتني ها هنا بين العذاب
و مضت، ياطول حزني واكتئابي

تركتني للشقا وحدي هنا
واستراحت وحدها بين التراب

حيث لا جورٌ ولا بغيٌ ولا
ذرّةٌ تنبي وتنبي بالخرابِ

حيث لا سيفٌ ولا قنبلةٌ
حيث لا حربٌ ولا لمع حِرابِ

حيث لا قيدٌ ولا سوطٌ ولا
ظالمٌ يطغى ومظلومٌ يُحابي

خلّفتني أذكُر الصفو كما
يذكُرُ الشيخ خيالات الشبابِ

ونأت عنّي و شوقي حولها
ينشد الماضي وبي -أوّاه- ما بي

ودعاها حاصد العمر إلى
حيثُ أدعوها فتعيا عن جوابي

حيثُ أدعوها فلا يسمعني
غيرُ صمتُ القبرِ و القفرِ اليباب

موتُها كان مصابي كُلّهُ
وحياتي بعدها فوق مُصابي

موتُها كان مصابي كُلّهُ
وحياتي بعدها فوق مُصابي

أين منّي ظلّها الحاني وقد
ذهبت عنّي إلى غير إيابِ

سحبت أيّامها الجرحى على
لفحةُ البيد وأشواك الهضابِ

ومضت في طُرق العُمرِ فمِن
مسلكٍ صعبٍ إلى دُنيا صعابِ

وانتهت حيث انتهى الشوط بها
فاطمأنّت تحت أستارِ الغيابِ

آهِ ”يا أُمّي” وأشواك الأسى
تُلهِبُ الأوجاع في قلبي المُذابِ

فيك ودعتُ شبابي والصِبا
وانطوت خلفي حلاوات التصابي

كيف أنساكِ وذكراكِ على
سِفرُ أيّامي كتابٌ في كتابِ

إن ذِكراكِ ورائي وعلى
وجهتي حيثُ مجيئي وذهابي

كم تذكّرتُ يديكِ وهُما
في يدي أو في طعامي وشرابي

كان يُضنيك نحولي وإذا
مسّني البرد فزنداك ثيابي

وإذا أبكاني الجوع ولم
تملكي شيئاً سوى الوعد الكِذّاب

هدهدت كفاك رأسي مثلما
هدهد الفجر رياحين الرّوابي

كم هدتني يدُك السمرا إلى
حقلنا في(الغولِ)في(قاع الرحابِ)

وإلى الوادي إلى الظلّ إلى
حيث يلقي الروض أنفاس الملابِ

وسواقي النهر تُلقي لحنها
ذائباً كاللطف في حلو العتابِ

كم تمنّينا وكم دلّلتني
تحت صمت اللّيل والشُهب الخوابي

كم بكت عيناكِ لمّا رأتا
بصري يُطفا ويُطوى في الحجابِ

وتذكّرت مصيري والجوى
بين جنبيك جراحٌ في التهابِ

ها أنا يا أُمّي اليوم فتىً
طائرُ الصيتِ بعيدٌ في الشهابِ

أملأُ التاريخُ لحناً وصدىً
و تُغني في رُبا الخُلدِ ربابي

فاسمعي يا أُمّ صوتي وارقصي
من وراء القبرِ كالحورا الكِعابِ

ها أنا يا أمُّ أرثيكِ و في
شجوِ هذا الشِعرُ شجوي وانتحابي
ها أنا يا أُمّي اليوم فتىً
طائرُ الصيتِ بعيدٌ في الشهابِ

أملأُ التاريخُ لحناً وصدىً
و تُغني في رُبا الخُلدِ ربابي

فاسمعي يا أُمّ صوتي وارقصي
من وراء القبرِ كالحورا الكِعابِ

ها أنا يا أمُّ أرثيكِ و في
شجوِ هذا الشِعرُ شجوي وانتحابي

*عبدالله البردوني

#يمن_بوست

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *