اليمنيات في عهد الحوثي قاصرات ومحكومات بـ “الهوية الإيمانية”

  • قرارات الحوثيين تجاه المرأة اتهامات مبطنة للمجتمع بأنه متفلت وللنساء بأنهن قاصرات ومتسيبات

  • القرارات الحوثية لا تعزز دور الرجل بل تفرض وصايته على المرأة وتسلبها حقها

  • ما يقوم به الحوثيون دليل واضح على تطبيقهم أسلوب الوهابيين في قمع المرأة بحيث جعلوا كل ما تقوم به عيباً وعاراً

يمن بوست/ تقارير 

“درج”- صفية مهدي:

“هل بات من الضروري أن تغادر المرأة المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين)، إذا ما أرادت الحصول على وسائل تنظيم الحمل من دون قيود، أم أن هذه الوسائل ستصبح في السوق السوداء؟”، كان هذا السؤال المتداول يمنياً، في أعقاب قرار جماعة الحوثي بانتزاع حق المرأة بتنظيم الحمل.

أتى هذا القرار في سياق جملة من الإجراءات الحوثية التي تضيّق الخناق على اليمنيات، بحجة محاربة الاختلاط، من الجامعات إلى سوق العمل.

أثار القرار، الذي كشفت عنه وثيقة تتضمن تعميماً من وزير الصحة العامة والسكان في حكومة الحوثيين، طه المتوكل، إلى مكاتب الصحة بشأن “وسائل تنظيم الأسرة”، موجة استياء، إذ جعل من حق المرأة فيها، مشروطاً بما سماه “التوجهات والسياسات الملائمة” للعادات والتقاليد، وما أطلق عليه “الهوية الإيمانية”.

وبينما لم تشر توجيهات الوزير إلى تفاصيل الضوابط، كشفت التوجيهات الصادرة عن مديري مكاتب الصحة في المحافظة، إلى النقاط الصحية والعيادات المتنقلة، عن المضامين بأن لا يتم صرف أي وسيلة من وسائل تنظيم الأسرة إلا بموافقة الزوج على استخدام الزوجة الوسيلة، والتأكد من أنهما زوجان، وأن يكون الزوج مع الزوجة أثناء صرف “الوسيلة”.

اتهامات مبطنة للمجتمع

الطبيبة اليمنية الدكتورة ذكرى النزيلي، وهي كبيرة اختصاصيي الصحة العامة، توضح لـ “درج”، أن “القرار الصادر عن مكتب الصحة بشأن الشروط يعد موضوعاً مقلقاً وخطيراً، فيه تجنٍ على حق المرأة في الاختيار”، مشيرة إلى أن “لا أحد في وزارة الصحة في صنعاء يقدر تبعات السياسات الصحية والقرارات المهمة، أو يعي ماذا تعني أولويات صحة الأم والمجتمع ككل”.

وتشير إلى أن العاملين الصحيين في اليمن أمضوا عقوداً طويلة في محاولة بناء مجتمع واعٍ بصحة النساء فيه، سواء في سن الإنجاب وأثناء الحمل، وصحة الجنين، وأهمية أخذ اللقاحات اللازمة لوقاية الأم والجنين من أمراض خطيرة، لكن في المقابل أصبح همّ الوزارة “التفتيش عن عقد الزواج عند إعطاء حزمة خدمات الصحة الإنجابية، واشتراط وجود الزوج الذي ما زال ينقصه الوعي الكافي بأهمية مرافقة زوجته للمشورة الصحية”.

وتقول إن الشروط الموضوعة في قرارات وزارة الصحة “ما هي إلا اتهامات مبطنة للمجتمع بأنه متفلت، وللنساء بأنهن قاصرات ومتسيبات”.

فرض وصاية وسلب حق

يشدد الدكتور عبدالله أبو بكر الكامل، المختص في الصحة الإنجابية لـ “درج”، على أن “تنظيم الأسرة حق مشترك للرجل والمرأة، لا يحق لأحدهما التفرد بالرأي، وإنما التشاور والوصول إلى قرار مشترك، وإشراك الرجال في قضايا الصحة الإنجابية وتحديداً تنظيم الأسرة، قضية مهمة جداً وتعزز من حق المرأة في الحصول على خدمات تنظيم الأسرة”. كما أن “تعزيز دور الرجل في دعم الحقوق الإنجابية يأتي برفع الوعي لدى المجتمع بقضايا تنظيم الأسرة وأثرها على الفرد، لا سيما المرأة، والأسرة والمجتمع”.

ويضيف أن “القرارات التي صدرت لا تعزز دور الرجل، بل تفرض وصايته على المرأة وتسلبها حقها في الوصول مع زوجها إلى قرار مشترك، ناهيك بأنه يضع عواقب جسيمة أمام المرأة للحصول على الخدمة”.

حلقة في سلسلة تضييق

تطرقت تعليقات كثيرة في مواقع التواصل، إلى كون القرار جاء بعد نحو أسبوع من توجيهات مشابهة في إيران. كما ركزت في المقابل، على أن القرار، جاء في سياق سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها السلطات الخاضعة للحوثيين، تعكس النظرة المتشددة والتمييزية تجاه المرأة، وتفرض عليها القيود في حياتها العامة وأيضاً الخاصة.

وكان لافتاً مجيء القرار بالتزامن مع إجراءات أخرى استهدفت المرأة، كان أبرزها، اقتحام أحد المطاعم في صنعاء، وطرد العاملات منه، ما اعتبره يمنيون مؤشراً خطيراً، يضيّق على عمل المرأة، التي اتسعت نسبة مشاركتها في العمل في السنوات الأخيرة، على إثر الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها معظم اليمنيين، تحولت معها المرأة في بعض الأسر إلى معيلة.

وعلى رغم نفي قيادات في الجماعة أن يكون هناك قرار صدر بمنع المرأة من مزاولة العمل، إلا أن السلطات التابعة لها لم تصدر توضيحات رسمية تقطع الشك باليقين، كما لم تتخذ إجراءات لمحاسبة المسؤولين عن طرد عاملات في مطعم “رويال بوستر” في صنعاء، وإعادتهن إلى عملهن.

ولم تكن الخطوة، بنظر يمنيات ويمنيين على مواقع التواصل، سوى تطور في ملف التضييق المتزايد على المرأة بشكل خاص تحت حجة محاربة “الاختلاط” في الجامعات والمعاهد، من وضع أحكام ومواصفات تتعلق باللباس والحفلات، وقبل ذلك إغلاق كافيهات، بحجة عدم الفصل بين الرجال والنساء.

قمع المرأة

الناشطة والإعلامية فاطمة الأغبري، توضح لـ “درج”، أن “ما يقوم به الحوثيون ما هو سوى دليل واضح على تطبيقهم أسلوب الوهابيين في قمع المرأة، بحيث جعلوا كل ما تقوم به عيباً وعاراً”.

وتضيف: “بالأمس أغلقوا عدداً من الكافيهات بحجة الاختلاط، وقبلها منعوا الاختلاط في الجامعات، والآن تحولوا إلى معاهد تعليم اللغة الإنكليزية لقمع النساء، وهذا ما هو إلا سلسلة من الانتهاكات التي يركزون فيها على المرأة”.

وترى الأغبري، أن “أكبر دليل على ذلك موضوع المطاعم وعمل النساء، إذ بدأت إجراءاتهم الآن بمنع أصحاب المطاعم من توظيف النساء، وكانت أولى تلك المطاعم رويال بورستر، وفعلاً قمت بزيارة المطعم ولم أجد أي امرأة تعمل فيه”.

وتضيف أن “الحوثيين نسوا أو تناسوا أن المرأة جزء لا يتجزأ من المجتمع، وهي شريكة الرجل تعمل معه جنباً إلى جنب، كما أنهم نسوا أن أسراً كثيرة فقدت معيلها بسبب الحرب، وبالتالي أصبحت المرأة مسؤولة عن الأسرة، فاضطرت إلى الخروج إلى سوق العمل لتأمين حاجات أسرتها”.

الجدير بالذكر، أن مثل هذه الإجراءات تجد معارضة حتى في أوساط بعض المنتسبين إلى جماعة الحوثيين وقادة فيها، إذ يعتبرون هذه المضايقات “تصرفات فردية”، كما وصفها القيادي حسين العزي. لكن فيصل أمين أبوراس، وهو سفير سابق لليمن في لبنان، يعلق على صفحته في “تويتر” بأنه “حين يتكرر لا يكون فردياً، لو كان نزلت الداخلية وأمانة العاصمة ووزارة العمل إلى الموقع (إشارة إلى المطعم) وأعادوهن لعملهن وطمنوا الناس. الحصول على لقمة العيش بات صعب المنال”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *