“حياة”.. قصة أم ماتت قهراً أمام ولدها المختطف في سجون جماعة الحوثي

يمن بوست/ تقارير 

فارقت أم معتقل يمني الحياة قهراً أمام ولدها، وهي تنظر إليه يُقتاد مكبلاً بالقيود إلى زنزانة التعذيب الموحشة بسجون الحوثي مرة أخرى.

حياة المطري (48 عاماً)، توسلت عناصر جماعة الحوثي الكفّ عن تقييد ولدها في سجن الأمن السياسي بمدينة إب، وسط البلاد، ثم صرخت قهراً لتضرب “جلطة” قلبها، وتفارق الحياة.

حلقة جديدة، لن تكون الأخيرة، في مسلسل الجرائم المحظورة بموجب القانون الدولي الإنساني، التي ترتكبها جماعة الحوثي، لكنها أحدث قصة لصدمة حرمان الأمهات اليمنيات وتبعات عناء الوصول لرؤية فلذات أكبادهن خلف أسوار سجون ظلم الجماعة.

منذ قرابة عامين، ترددت الأم المسكينة على مدينة إب، الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، أملاً منها في أن تفلح توسلاتها بإطلاق سراح ابنها الذي اعتقلته الجماعة دون أي تهمة.

لم تجد “حياة” آذاناً صاغية، أو من يرأف بها، ففارقت كمداً على ولدها،أمام أسوار أقبية ومعتقل مخابرات جماعة الحوثي، وهي تلقي آخر نظراتها على ابن مصفد ومقيد، يسحب تحت الإهانات وأسواط الجلادين.

وتكتم الحوثيون على مقتل الأم منذ أن قضت مطلع الشهر الجاري، حتى استطاعت منظمة حقوقية كشف تفاصيلها للرأي العام كقصة للانتهاكات الوحشية، بالتزامن مع دخول محادثات ملف اتفاق الأسرى أسبوعها الثاني دون أي تقدم، إثر تعنت جماعة الحوثي.

رحلة عذاب عامين

تعود بداية قصة “حياة” إلى مطلع مارس/آذار 2019، عقب اعتقال جماعة الحوثي الشاب وائل عبده البعداني (27 عاماً)، من مدينة القاعدة بإب، وهو العائل الوحيد لأسرة مكونة من أمٍّ و5 أخوات وطفل لم يتجاوز العقد الأول.

بحسب بيان منظمة “رصد للحقوق والحريات”، فقد كان الاعتقال بلا سبب، ولم “يأبه قادة ومشرفو الحوثيين لرجاءات أمه المصابة بعدة أسقام، أبرزها مرضا القلب والسكري”.

ولم تكتفِ الجماعة التي اقتادت “وائل” إلى أقبية الأمن السياسي في إب، بالتحقيق معه لإرغامه على الاعتراف والإدلاء بمعلومات لا يعلم عنها شيئاً، بل تفننوا كذلك في تعذيبه.

ونقل البيان، عن رئيس منظمة رصد للحقوق والحريات، عارف حمران، قوله إن والدة “وائل” كانت تتكبد عناء التنقل يومياً، منذ ذلك الحين، من مدينة القاعدة على تخوم محافظة تعز، إلى مركز محافظة إب، تبحث عن ابنها، دون أن تعلم مكانه”.

في الشهور الـ 3 الأولى من اعتقال عائل أسرتها الوحيد، تلذذ الحوثيون بمأساة حياة المطري، وبآلام فراقها لولدها، ولم يكشفوا لها عن مكانه بسهولة.

وأضاف الحقوقي اليمني، أن “الجماعة اتخذت من حالة والدة وائل المأساوية سبباً للابتزاز، فطلب عدد من قادة الحوثي من المسكينة “حياة” المال مقابل وعود لم ترَ النور قط”.

لم تعرف “حياة” مصير ابنها حتى مرور عام، وتأكدها أنه موجود في غياهب الأمن السياسي الحوثي، فالتزمت زيارته أسبوعياً، ورغم منع الجماعة للزيارات لفترات قد تصل إلى 3 أشهر، فإنها كانت تحضر حتى وهي في شدة المرض.

ذل قاتل

“حياة” اضطرت إلى تزويج ثلاثٍ من بناتها، وشقيقهنّ ملقى داخل معتقلات الجماعة، ولم ينجح تقديمها مهورهن كضمانات تجارية للجماعة، لإطلاق سراحه حتى يشارك ذويه أفراحهم.

ووفقاً لرئيس منظمة رصد للحقوق والحريات، عارف حمران، “فقبل 3 أسابيع، حضرت والدة المعتقل لزيارته كالعادة، إلا أن شيئاً ما رأته من خلف القبضان، يبدو أنه سبّبَ لها صدمةً كبيرة، لم تقوَ على تحملها”.

وأضاف: “شاهدت حياة سجاني ولدها وجلاديه يقتادونه من زنزانته مصفد اليدين ومعصب العينين، في ذلٍ وهوان لم يتقبله قلب الأم، فأصيبت بجلطة قلبية وسقطت مغشيةً عليها أمام بوابة الأمن السياسي في إب، بعد أن كانت تصرخ على السجّان بالكفّ عن تقييد ابنها”.

وتابع: “كانت بمفردها أمام أسوار الجهاز الأمني، فبادرت نساء من المارة بنقلها إلى مستشفى حكومي بجوار مبنى الأمن السياسي، وهناك فارقت الحياة بعد ساعاتٍ، كمداً واشتياقاً لولدها”.

“حياة” لم ولن تكون آخر أم ضحية لجماعة تختطف آلاف اليمنيين في ريعان شبابهم، وتقهرهم داخل معتقلاتها، بل هناك طابور طويل من الأمهات والأسر، يتجرعن الألم والذل حتى تحرير ذويهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *